الكفاءات ذخيرة وطن ….
د.احمد الميالي
لفتت مبادرة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي بالاتصال بالطالبة المتفوقة دعاء الانظار الى اهمية استثمار العقول والكفاءات والطاقات الشابة في بناء الدولة، من جهة وتسليط الضوء مرة اخرى على احتجاجات الخريجين المطالبين بالتعيين من جهة اخرى.
اعتاد النظام السياسي والاداري في عراق مابعد ٢٠٠٣ على عدم مراعاة هذه المعايير في تولي المهام الوظائف وعدم الاهتمام اساسا بشريحة الكفاءات والخريجين، اذ تم الاعتماد على معيار الحزبية المذهبية والمحسوبية والوساطة في ذلك، هذه الاسباب كانت ولاتزال مقدمات رئيسة في تزايد الوعي الشعبي وتطور الاساليب الاحتجاجية.
لايمكن ان تبنى الدولة وتتحول الى نطاق المأسسة مالم يتم وضع معايير عادلة ومهنية في عملية البناء وهذه تستلزم ان تقوم العقول والطاقات الشابة الكفوءة في ذلك. وقبل كل هذا لابد من اعادة النظر في استعياب سوق العمل لشريحة الخريجين ، وان تكون المدخلات متلائمة ومتوازنة مع المخرجات، وان توضع خطط مدروسة لذلك. واهمها اعادة النظر بوضع التربية والتعليم من جهة وتدعيم القطاع الخاص والمختلط من جهة اخرى.
على مدار سنوات طويلة تناست واغفلت معظم الاطراف السياسية وضع هذه الخطط والانشغال بعملية البناء الحقيقي للدولة واقتصادها وامنها واعتمدت على سياق التأجيل والترحيل وعدم الحسم للكثير من الازمات والسياسات المطلوبة.
فعدم حسم هذه الملف له تداعيات مقلقة تنذر بالفوضى خاصة في ظل تقليص النطاق الوظيفي وتحديدا في المجالات البنائية الحيوية وانحصارها في نطاق الامن والعسكرة، وتراجع المهن وفرص العمل في القطاع الخاص وسوق العمل ، وتراجع اسعار النفط وتزايد ثقافة الدولة الريعية مما يعقد المشكلة.
لازالت هنالك بارقة امل في وضع سياسات وخطط وقوانين لاعادة النظر في تنظيم وضع الخريجين ومعالجة وتصويب اوضاعهم بما يعزز من اهتمام الدولة برعاية الكفاءات والعلماء والطاقات الشابة ليكونوا ذخر للوطن وبناءه وتطويره.مبادرة رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي بالاتصال بالمحتجة المتفوقة دعاء من النجف لها ابعاد ودلالات وانعكاسات ايجابية ، في تحفيز الطبقة السياسية لاعادة النظر والاهتمام بمثل هذه الكفاءات ، وتضعهم امام المسؤولية وعدم ترحيل وتسويف هذه المطالب، كما انها اعطت رسالة بناءة ومهمة لتجاوز القيود الطائفية والمذهبية والمناطقية في التعاطي مع المشاكل المماثلة التي تواجه الدولة، وهذا ضروري واساسي ويعد اللبنة الاولى في البدء لتجاوز الاخطاء في التعامل مع ملف الكفاءات والخريجين والشباب في العراق.