الكرسي .. عشق ما بعده عشق
الكرسي .. عشق ما بعده عشق – خالد السلامي
لابد في البداية ان ننوه الى ان الكرسي هنا ليس المقصود منه فقط التربع على سُدة الحكم والتحكم المباشر بمقاليده انما هناك تحكم غير مباشر قد يكون اقوى ممن يجلس على الكرسي ويمسك مقود القيادة بيده دون التمكن من التحكم فيه كأن يكون زعيم لحزب رشح احد أعضاءه ليكون في الواجهة فيكون هو المسؤول الحقيقي او صاحب قوة مسلحة لايستهان بها او مسنود من جهات خارجية اقوى من السلطة المحلية في البلد الذي يتواجد فيه .إذاً فالكرسي في بعض البلدان ربما يكون فقط واجهة لجهات أُخرى داخلية او خارجية اقوى من إمكانياته ، ولكن مع ذلك فالكرسي هو العشق الاول لكل سياسي في اغلب البلدان وخصوصا ما يسمى ببلدان العالم الثالث مع وجود حالات مشابهة في بعض الدول العظمى لامجال لذكرها الان . مقدمة قد تكون أطول مما إعتدنا عليه في كتاباتما ولكن كان لابد منها للدخول الى صُلب موضوع العشق الازلي لهذا الكرسي في بلدان العالم المسمى بالنامي وهو ممنوع من النمو أساساً ، مع كل مايمتلكه من امكانيات النمو بشــــــريا وماديا وتاريخيا، كي لاينافس الكبار على اسواقهم وتسويقهم .عالم ثالث ونحن في البلاد العربية المحسوبين على العالم الثالث او العالم النامي او ربما العالم النايم قد حرمنا حتى من نعمة النوم الهادئ بسبب عشق سياسيينا الموالين والمعارضين لهذا الكرسي اللعين سواء كان مباشرا ام من خلف الستار فهؤلاء السياسيون عندما يتسنمون قمة السلطة يعتبرونها هبة إلهية ( ربانية ) لاتجوز لغيرهم ولايجوز التنازل عنها إلّا الى القبور او الإقتلاع بالقوة سواء كانت قوة داخلية او خارجية وعلى مر سنين بقائهم في السلطة تتكون لهم معارضات متنوعة الاتجاهات والمشارب كل همها هو إسقاط الحكام الازليين لبلدانهم وتتوعدهم بالويل والثبور وتعد الشعوب بالديمقراطية والتداول السلمي للكراسي وكذلك بالنعيم الذي تتمناه هذه الشعوب من أمن ورفاهية وحرية في الرأي والدين والمعتقد وكل ماتتمناه شعوب عاشت تحت ظل الحكم الشمولي عقودا طويلة. وعندما تشاء الأقدار ويتسلق هؤلاء المعارضين الى قمة الهرم الحاكم يكون أول همهم هو كيفية التمسك بالكرسي أطول فترة ممكنة وبأية وسيلة كانت فتكون لعبة الديمقراطية هي الوسيلة الأنجع لهذا الهدف حيث يكون التحكم بمقودها (الديمقراطية ) أسهل لمن يمتطي صهوة كرسي الحكم الذي لايمكن الإستغناء عن خيراته بسهولة فيبدأ التلاعب بالنتائج الإنتخابية وتسود الإتهامات المتبادلة بين كل الأطراف المتسابقة لاعتلاء سُدة الحكم والإرتواء من مغانمها ويطول الجدال والتناحر والتحاور بين كل تلك الأطراف الى ان يضمن كل طرف حصته من الغنيمة متناسين ماكانوا يعدون الشعوب به عندما كانوا معارضين من سعادة ورفاهية عند التخلص من الانظمة الشمولية وعند كل موسم إنتخابي تتكرر نفس المفاصل وتأخذ ما تأخذه من وقت البلد والشعب واذا بالديمقراطية التي حلمت بها الشعوب تتحول إلى مجرد منافسة بين السياسين من اجل الكراسي ومغانمها .فتكون حاجة الشعوب مجرد وسيلة للتسلق الى السلطة كما هو حال قضية فلسطين التي هي أفضل شاغل يدغدغ مشاعر الشعوب لإشغالهم بها على مدى اكثر من سبعة عقود دون أي حركة حقيقية تجاهها. فتبا لذلك الكرسي الذي صار وبالا على الشعوب التي بدورها لن تتعظ من كل تجاربها على مدى العصور.