الكاظمي يفتح ملف المنافذ الحدودية.. هل يحتاج مساندة من طيران الجيش
يفتح رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي ملف المنافذ الحدودية، بالتزامن مع تصاعد حدة الأزمة المالية، بهدف توفير موارد للدولة، فيما رأى برلمانيون ضرورة اعتماد أساليب أخرى الكترونية ورقمية، لترتيب أوضاع المنافذ، وعدم الاكتفاء بالإجراءات التقليدية.وبعد زيادة العجز المالي في الموازنة العامة للدولة وعدم قدرة الحكومة العراقية على دفع مرتبات الموظفين والمتقاعدين، بدأ رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي البحث عن مصادر دخل مهمة كانت طيلة السنوات الـ17 الماضية عُرضة للنهب والفساد – ولا تزال – من أحزاب وشخصيات متنفذة تُعيق وتمنع أي إجراء تصحيحي أو إصلاحي في المنافذ الحدودية مهما كان صغيرًا، بحسب نواب ومسؤولين.وقبل أيام، أعلن الكاظمي وضع خطة لسيطرة الدولة على جميع المنافذ الحدودية البرية والبحرية؛ لوقف هدر المال المقدر بمليارات الدولارات.ويعتبر فساد المنافذ الحدودية في العراق أحد أكبر ملفات الفساد الذي لم يحسم؛ بسبب سيطرة فصائل مسلحة على إدارة تلك المنافذ، ما يعني هدراً كبيراً في المال العام.تحرك ومع تفاقم الأزمة المالية، طلبت الهيئة المعنية بإدارة المنافذ الحدودية تدخلاً عسكرياً، بعد شكاوى متعددة من تسلط جماعات مسلحة على هذه المنافذ، والسيطرة على عوائدها، حيث قدّمت الهيئة، طلبا بتعزيزات عسكرية لمواجهة ”أي تدخل خارجي”.وقال رئيس هيئة المنافذ عمر الوائلي: “ننتظر انتشار جهاز مكافحة الإرهاب في المنافذ العامة، بعد تقديم طلب إلى رئيس الوزراء بخصوص إرسال قوات أمنية معززة لأمن المنافذ”.وأضاف أن ذلك يأتي “لغرض ضمان عمل الكوادر العاملة داخل المنفذ الحدودي وإشعارهم بالعمل في بيئة آمنة، ومواجهة أي تدخل خارجي من قبل بعض العصابات الخارجة عن القانون”.وللعراق 22 منفذاً برياً وبحرياً مع جيرانه الستة المحيطين به، إلا أن المنافذ العاملة حالياً هي سبعة فقط، لأسباب أغلبيتها أمنية وعدم وجود اتفاقات سياسية حولها، عدا المنافذ الجوية المتمثلة في المطارات.وتمارس هذه المنافذ نشاطاً تجارياً دائماً لا ينقطع نهائياً، وتحديداً ما يرتبط بالاستيراد، حيث يستقبل العراق سلعاً مختلفة وأطعمة وأشربة ومعدات وخضاراً، وكل ما تحتاجه السوق، لا سيما وأن المعامل العراقية قد توقفت منذ احتلال أميركا العراق في عام 2003، وبعضها تعرض لقصف جوي من الطيران الأميركي خلال فترة غزو البلاد.ويستهلك العراق بضائع ومواد غذائية أجنبية تصل نسبتها إلى قرابة 95% من مجموع الاستهلاك المحلي، بحسب بيانات رسمية، إلا أن عائدات الدولة من الجمارك والمنافذ الحدودية تظل دون المستوى المطلوب.في هذا السياق، يقول النائب في البرلمان طه هاتف الدفاعي، إن “الفساد الموجود في أغلب المنافذ الحدودية، يحتاج إلى جهد، ليس بإرسال القوات لضبط الأوضاع هناك، فقط، وإنما إجراء عمليات رقمية على واقع المنافذ، وتحويل تعاملاتها لتصبح بشكل مختلف، كما هو معمول به في دول العالم، واعتماد الأساليب الحديثة، التي تقلل من الروتين، وتقلل من إمكانية وجود فساد مالي وإداري أن “بإمكان الحكومة الحالية، التعاون مع شركات عالمية، مختصة في مثل هذا المجال، والبدء بأرشفة أعمال المنافذ، وهذا المشروع كان من المقرر أن ينطلق إبان حكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبدالمهدي”.وتابع، أن “القوات الأمنية، بالإمكان توجيهها نحو السيطرة على التهريب، وضبط الحدود، ومساندة الكوادر وغيرها”.من جانبه لفت مقرر اللجنة المالية البرلمانية، أحمد الصفار، إلى أن “من 10 إلى 20% فقط من إيرادات المنافذ الحدودية تعود إلى خزينة الدولة فيما تذهب بقية الإيرادات إلى جيوب الأحزاب وبعض الشخصيات السياسية المتنفذة”.وقدّر عضو لجنة الخدمات النيابية مضر خزعل، ايرادات المنافذ التي لا تدخل خزينة الدولة بـ 13 مليار دولار سنويا.ويستورد العراق من 130 دولة، ويمتلك العراق عدة منافذ حدودية برية مع دول الجوار، منها زرباطية والشلامجة والمنذرية والشيب مع إيران، وسفوان مع الكويت، وطريبيل مع الأردن، والوليد مع سوريا، وعرعر وجديدة عرعر مع السعودية، كما يمتلك منافذ بحرية في محافظة البصرة.وتسيطر أحزاب وفصائل مسلحة، وحتى العشائر على بعض المنافذ الحدودية، والمعابر، وتفرض ضرائب لا علاقة بها بالقانون العراقية، على التجار، كشرط أساس لدخول بضائعهم إلى السوق، وهو ما يثير على الدوام جدلاً واسعاً، وتساؤلات عن طبيعة قدرة الحكومة على إنفاذ القانون.والمشكلة في منع الفساد بالمنافذ، لا تعني السيطرة على الرسمي منها، إنما في كيفية احتواء المنافذ غير الرسمية.وبحسب نواب في البرلمان، فإن إقليم كردستان لوحده يمتلك حالياً 13 منفذاً حدودياً يصدر ويستورد من خلاله البضائع، إلا أن المنافذ الرسمية التي تعمل بعلم الحكومة في بغداد، هي ثلاثة فقط، وهذا الأمر ينطبق على المنافذ البرية والبحرية والجوية. بدوره، يؤكد خبير أمني أن “ملف المنافذ الحدودية، من أعقد الملفات في عراق ما بعد 2003، لمساحته الواسعة، وحدوده الطويلة بين عدة دول، مثل تركيا والأردن، وإيران، وما يعقد المهمة، وهو سيطرة فصائل مسلحة، وعشائر، وشخصيات سياسية على تلك المنافذ، وتحصيل حصص واضحة منها، وهذا يحدث أمام أنظار الحكومة، وهيئة المنافذ التي تصرح بذلك بشكل طبيعي”.وأضاف الخبير الذي طلب عدم ذكر اسمه ” أن “الكاظمي في حال أراد إنهاء هذا الملف فهو بحاجة قوات مهارة يساندها فريق إداري من غير الموظفين الحاليين أو تغيير بعضهم، ومن ثم البدء في غلق المنافذ غير الرسمية، ونشر قوة كافية في المنافذ الرسمية، لأن الاشتباكات المسلحة ستبدأ حينها، وربما يحتاج إلى تدخل طيران القوة الجوية”.وتشير البيانات الرسمية الصادرة عن الحكومة العراقية إلى أن الإيرادات المقدرة لهذه المنافذ سنويًا تتخطى 10 مليارات دولار، لكن وزارة المالية تحصل ما بين 500 مليون إلى 2.5 مليار دولار.