الكاظمي في فخ امريكا
ربيع نعيم مهدي
من المسلمات ان التوافق الدولي وتحديداً الايراني والامريكي عامل مهم في تحديد شخص رئيس الحكومة العراقية، وإذا نظرنا الى حقيقة واقع الحكومة الحالية ورئيسها مصطفى الكاظمي نجد ان الظروف التي مرت بها البلاد فرضت على اطراف النفوذ القبول به مع اختلاف واضح في النوايا، فالجانب الايراني سمح له بتولي رئاسة الحكومة لحين اعادة ترتيب أوراق القوى الموالية للفقيه، بعكس الجانب الامريكي والذي على ما يبدو دفع بالكاظمي الى واجهة المدفع لغاية يعلمها حتى أولاد يعقوب.وقبل استكمال المقال اجد من الضروري تسليط الضوء على عدد من الامور المهمة لتكتمل الصورة، منها مسألة المليشيات وموقف الغرب منها، خصوصاً وان غالبية هذه المليشيات مرتبطة بأحزاب وكيانات سياسية، وبعضها لم يستفد من تجربة الحرس الثوري الايراني “الذي يمتلك مجموعة من الشركات الصناعية والتجارية تمنحه نوعاً من الاستقلالية المالية”، وبالتالي وجدت – هذه الاحزاب واجنحتها المسلحة- نفسها مجبرة على استغلال المال العام كوسيلة لتمويل انشطتها وديمومة عملها، وهذا الاستغلال لا يخضع لتفسيراتنا ومفاهيمنا حول معنى الفساد المالي والإداري، وهذا ما يؤكده وزير النفط السابق ابراهيم بحر العلوم في احدى منشوراته.واذا أخذنا بنظر الاعتبار ان عدد الاحزاب والكيانات السياسية في العراق يتجاوز الـ “250” حزب، وإذا افترضنا ان نصف هذه الاحزاب أو ثلثها تتبنى الوسيلة المذكورة فإننا سندرك حجم المشكلة التي يعاني منها البلد.وللعودة الى موضوع المقال سنعود قليلاً في الزمن، الى الانتخابات التي انتجت البرلمان الحالي، والتي اتصفت بتزوير فاضح ومقاطعة شعبية رافضة لها، ومع ذلك نجد ان التوافق الخارجي أيّد نتائجها، والمفارقة انه أيّد الاحتجاجات التي اسقطت عادل عبد المهدي، فمن جهة كانت الولايات المتحدة تسعى لخلق فرصة ثانية لشركات النفط الامريكية بعد فشل مفاوضاتها مع حكومة عبد المهدي، والذي توجه نحو الصين لعقد اتفاقية استراتيجية دون إدراك لطبيعة الحرب الاقتصادية بين الاقطاب الدولية، ومن جهة أخرى حاولت ايران احتواء الصدمة التي كادت ان تدفع بالقوى الموالية لها في العراق الى الهاوية، خصوصاً وان العراق يشكل بوابة كبيرة للالتفاف على عقوبات امريكا.وعند تتبع خطوط السياسة الامريكية في العراق تحديداً، نجد انها تدور حول نقطة رئيسة واحدة، هي البحث عن شخص يخوض حرب بالوكالة لتحقيق نوعين من المصالح، أولها مصالح امريكا وضمان عدم تأثرها بالصراع مع ايران، أما ثانيها فهو حرص امريكا على ترقيع النموذج العراقي لما بعد الاحتلال في 2003.ومن بين جميع الذين رشحوا أو ترشحوا لشغل منصب رئيس الحكومة كان الكاظمي أوفرهم حظاً للوقوف في وجه المدفع، خصوصاً وهو يمتلك عدد جيد من أوراق اللعب، والفشل بالنسبة للكاظمي لا يعرف التسوية والحلول الوسط ولن يكتفي بإبعاده عن رئاسة الوزارة بل سيبعده عن جهاز المخابرات الذي يترأسه، وفي المحصلة أرى ان الظروف التي ساهمت في وصول الكاظمي الى رئاسة الحكومة لم تكن في حقيقتها سوى “فخ” محكم وقع فيه، لا باعتباره عدو بل باعتباره الشخص الذي لا يجب ان يفشل، واتمنى ان لا ينطبق عليه وصف الرئيس المصري السابق حسني مبارك في قوله ان “المتغطي بأمريكا عريان”.