القصة الكاملة.. من قتل صندوق إيران الأسود في رومانيا
كشف محامي القاضي الإيراني الهارب في رومانيا غلام رضا منصوري أن الأخير لم يكن لديه نوايا للانتحار، بل كان يملك الكثير من الأقوال، في دلالة على أن وفاته كانت مدبرة.
وعثر على منصوري أمس قتيلا إثر سقوطه من الأدوار العليا بفندق محلي بالعاصمة بوخارست، قالت وسائل إعلام محسوبة على النظام الإيراني أنه انتحر في ظل اتهامات بتصفيته من قبل طهران.
ويعد منصوري، قاضي تنفيذي سابق في منطقة لواسانات بطهران وتولي رئاسة محكمة الثقافة والإعلام حيث تورط بانتهاكات حقوقية ضد الصحفيين، وأحد المتهمين في قضية تعرف حاليا باسم “شبكة الرشوة” المتهم فيها أكبر طبري، المساعد لرئيس القضاء السابق صادق لاريجاني.
رواية المحامي
وأوضح المحامي أمير حسين نجف بور في مقابلة مع وكالة أنباء إيلنا الإيرانية أن عائلة موكله تؤكد عدم توافر نية الانتحار لدى القتيل.
وأضاف نجف بور أن موكله منصوري أخبره في منتصف الأسبوع الماضي برغبته في العودة إلى إيران للدفاع عن نفسه أمام القضاء، حيث كان لديه الكثير من الأقوال.
واستطرد محامي القاضي الإيراني أن عائلة الأخير تنتظر معرفة كواليس القضية، مردفا أن منصوري سافر للخارج للحصول على علاج من مرض عضال.
محامي منصوري المتهم بالحصول على رشوة تصل إلى نصف مليون يورو، قال إن موكله أصر على أن اتهاماته لم تكن في نفس قضية أكبر طبري.
وقال أيضا إن عائلة منصوري تحدثت معه حوالي الساعة 11 صباحا يوم الجمعة الماضي، وأن زيارته الأخيرة لتطبيق “واتساب” كانت في الساعة 3:15 مساء بنفس اليوم.
وذكرت الشرطة الرومانية أنها تلقت تقريرا بالعثور على جثة منصوري أسفل فندق كان يسكنه في العاصمة بوخارست، في الساعة 14:30 بالتوقيت المحلي.
واعتبر نجف بور، مثل بعض المسؤولين الإيرانيين، أن الحكومة الرومانية كانت مسؤولة عن الحفاظ على حياة منصوري ولذا ينبغي مساءلة السلطات هناك في هذا الصدد.
فرضيات الجريمة
وكتب محسن رضائي، سكرتير مجلس تشخيص مصلحة النظام، في تغريدة باللغتين الفارسية والإنجليزية على موقع “تويتر”، أنه “يجب على الحكومة الرومانية قبول المسؤولية عن قتل منصوري وتحديد الجناة”.
وقدم عدد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي فرضيات حول مقتل منصوري الذي وصفوه بـ”الصندوق الأسود”، مستشهدين بتاريخ إيران في قتل خصومها خارج حدود البلاد.
يذكر أن منصوري كان أحد المسؤولين المقربين من رئيس السلطة القضائية الإيرانية السابق صادق لاريجاني منذ سنوات عديدة، وحصل على دعم من مساعده أكبر طبري.
وفي ظل غموض يكتنف سوابق ووفاة منصوري، قال حسام الدين آشنا، المستشار الثقافي للرئيس الإيراني حسن روحاني في تغريدة عبر موقع “تويتر” أن قضية فساد أكبر طبري لها أبعاد غير اقتصادية.
واستخدم آشنا في تغريدة غامضة وسما بعنوان “دواء التطهير”، مشيرا إلى واقعة مقتل سعيد إمامي، نائب وزير الاستخبارات الإيراني الأسبق والذي كان أحد المتورطين البارزين فيما عرفت بجرائم “القتل المتسلسل” عام 1997 إبان رئاسة محمد خاتمي، حيث كانت تكتشف يوميا جثّة لشخصية معارضة.
وضمت قائمة الضحايا حينها أسماء لمعارضين بارزين مثل داريوش فروهر وزوجته، فضلا عن كتاب وصحفيين مثل مجيد شريف، ومحمد مختاري، ومحمد جعفر بوينده.
وأعلنت وزارة الاستخبارات الإيرانية لاحقا تورط أحد عناصرها ويدعى “سعيد إمامي” في تدبير تلك الاغتيالات، قبل أن يعثر عليه قتيلا داخل السجن إثر انتحاره، حسب الرواية الرسمية.
تفاصيل جديدة
وفي سياق متصل، أوردت محطة إيران إنترناشونال التي تبث بالفارسية وتتخذ من بريطانيا مقرا لها أن الشرطة الرومانية تفحص كاميرات فندق باسم “دوك” كان يقيم به منصوري بهدف فك لغز مقتله.
وذكر مراسل “إيران إنترناشونال” في رومانيا أن الشرطة لم تصرح بتفاصيل رسمية حول تفريغ كاميرات الفندق الذي كان يسكنه القاضي الإيراني الهارب.
وكشفت المحطة الإخبارية الناطقة بالفارسية في تقرير لها أن فندق “دوك” ليس له نوافذ تطل على البهو بالخارج خلافا للتقارير المبدئية التي تحدثت عن انتحار منصوري من خلال إلقاء نفسه من نافذة غرفته.
وأشار التقرير إلى أن القاضي الإيراني الهارب كان يستعد لمغادرة الفندق المقيم به في بوخارست قبل موته بفترة وجيزة.
وأظهرت تفاصيل جديدة أن منصوري دفع جميع نفقات الفندق الذي كان يقيم فيه قبل لحظات من وفاته وظهرت على وجهه ملامح سعيدة خلال تعامله مع موظف الاستقبال.
وقابل منصوري في نفس يوم سقوطه من الطابق السادس بالفندق، ضابط الشرطة الروماني الذي كان من المقرر أن يلتقيه أسبوعيا، حسب التقرير.
ضابط الشرطة قال إنه لم يوجد ما يشير في إجاباته أو سلوكه إلى أن القاضي منصوري من المرجح أن يتخذ إجراءات خطيرة.
ولفت مسؤول قضائي روماني، (رفض الإفصاح عن هويته) أن سبب وفاة منصوري كان نزيفا داخليا وكسور وتمزق في جسده، حسب التقرير.
اتهامات وأسف
واتهمت المعارضة الإيرانية استخبارات نظام طهران بتصفية منصوري جسديا على غرار مقتل سعيد إمامي في نهاية تسعينيات القرن الماضي، ومسعود مولوي في تركيا نوفمبر/ تشرين الثاني 2019.
لجنة الأمن ومكافحة الإرهاب بمجلس المقاومة الإيرانية (مقره باريس) قالت في بيان لها، اطلعت عليه (الاولى نيوز) على نسخة منه، إن استخبارات النظام خططت مؤخرا لاغتيال منصوري بهدف التغطية على أزمات داخلية.
وشددت منظمة “مراسلون بلا حدود” أن وفاة غلام رضا منصوري على هذا النحو حرمت ضحاياه من محاكمته والوصول إلى العدالة باعتباره مسؤولا عن اعتقالات تعسفية وتعذيب بحق أكثر من 20 صحفيا إيرانيا خلال السنوات الأخيرة.
وأعربت المنظمة في بيان لها عن أسفها بسبب عدم احتجاز السلطات الرومانية والألمانية له (منصوري) بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية بموجب التزامتهما الدولية بناءا على الدعوى القضائية التي قدمتها “مراسلون بلا حدود” ضده إلى الإدعاء العام في بوخارست وبرلين.
الأولى نيوز – متابعة