مقالات

القاهرة تكتب وبيروت تطبع لكن بغداد لا تقرأ !

خالد القره غولي

تقاطر العراقيين على سوق الكتب بالعاصمة يخفت بعدما أصبحت الأولوية التغلب على المصاعب الاقتصادية والتضخم وانصباب اهتمام الشباب على الأنترنت , بين الآونة والأخرى وما تقدمه عدد من وسائل الأعلام المقروءة والمسموعة والمرئية أتأسف وأحتار في ما يطرحه البعض من المثقفين , أضع أمامه علامة استفهام كبيرة بل انفيه نفيا قاطعا وهو ما دأب علية بعض من هؤلاء المثقفين والكتاب والأدباء والمفكرين والصحافيين وهم بطبية الحال لا يقصدون المس أبدا إلى تاريخ العراق وحضارته وهو أن القاهرة تكتب وبيروت تطبع وبغداد تقرأ وهو محض افتراء لن أجد له دليلا تاريخياً واحد مع آن هناك جانبا مشرقا ومبطنا يضع أمام مكانتهم الطبيعية التي يستحقونها باعتبارهم قراء من الدرجة الأولى لكن الشكوك تعتلي أية مثقف عادل أو مؤرخ أو قارئ أو أكاديمي لوضع العراقيين قراء فقط أقول لمن يتداولون هذه العبارات بان العراقيين الذين يألفون ويكتبون ويطبعون ويقرئون ومع تقديري للأشقاء في مصر ولبنان فان المقصود على ما يبدوا هي فترات زمنية محدودة فبعد أن مر العراق بفترة الاحتلال العثماني ثم الاحتلال البريطاني كان هناك انفتاح كبير في الشارع المصري في تأليف مئات الكتب بشتى الاختصاصات لكن كانت تطبع في القاهرة وما بقصد به يطبع في بيروت هذه فترة الخمسينات والستينات وبداية السبعينيات من القرن الماضي أي قبل الحرب الأهلية اللبنانية حين بدئت المطابع اللبنانية تطبع شتى الكتب والمطبوعات والمجلات والصحف بلا هوادة وبلا رقيب وهذا ما استفاد منه بطبيعة الحال المثقفون والقراء العرب ثم ما لبث انحصرت هذه الموجة بعد اندلاع الحرب اللبنانية الأهلية عام 1975 وحتى اتفاق الطائف عام 1985 لتستلم راية التأليف والطبع بعض الدول الخليجية التي فشلت فشلا ذريعا في استبدال هوية الثقافة العربية التي عادت مرة أخرى إلى جذورها الممتدة عبر الآلاف السنين وهي الحضارة العراقية فالعراقيون هم أول من علم الناس القراءة والكتابة , ويعلم العرب قبل غيرهم أن المدارس النحوية واللغوية وأعظم شعراء العرب هم من العراق وما زالوا ويبقون دائما صحيح انك حين تقرأ في كتاب عربي أو أية إصدار أو مطبوع قد لا تجد على غلافه اسما لمؤلف عراقي او لم يطبع في مطبعة عراقية والسبب إن الحكومات المتتابعة كانت أو لا زالت لا تشجع أية تقدم في هذا المجال لكن صفحات الكتاب وسطوره وجملة لا بد لها من إن تعرج أو تؤشر لمصدر أو كاتب عراقي أو فكرة عراقية أو وجهة نظر كان العراقيون يتداول الكثير منهم كما ويتداوله المستشرقين أولا ومن المثقفين العرب ثانيا , أن المثقف العراقي مثقف صادق وله قدرة على التمحيص والتحليل والتبحر وإبداء الرؤى في ما يقرئه والتدرج المنطقي من قارئ إلى مثقف إلى ناقد ومن ناقد إلى كاتب أو شاعر … الخ ولكن السؤال لمن يكتب وأين يطبع في بيئة خلفتها الاحتلالات المتتالية والمتعاقبة للعراق والدكتاتوريات التي كان هدفها الأساس تحطيم الثقافة ومطاردة المثقفين والأدباء والمفكرين والصحافيين , ولأننا الآن في زمن أخر لا بد لي ما أن أقدم وأناشد مثقفي العراق وكتابهم في الداخل والخارج من استلام الثقافة العربية مرة أخرى وعدم فسح المجال لثقافات اللصق والتزوير وتشويه الحقائق وتضيق الخناق على ما يريد للثقافة العراقية الضمور أو الاضمحلال ثم الاختفاء . أنها ليست نرجسية وإنما واقع وقول صادقا , رأيت اغلب زملائي من الصحفيين والمثقفين ليست لديهم الجرأة الكافية لقولة أو الكتابة عنه أعيد النص الذي اعترف به لكي يكون الآن وبعد تلك المتغيرات التي تمر بها الثقافة العربية انطلاقا ما تشهده الدول العربية يألف الكتاب في بغداد والقاهرة ويطبع الكتاب في بغداد وبيروت ويقرئه العرب والعراقيون .. لله الآمر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى