“الفقر كافر”.. ديالى تشهد 5 حالات انتحار في شهر واحد
بسرعة ودون سابق انذار أقدمت فتاة ذات 16 ربيعا على الانتحار شنقا، تاركة ورائها غصة وندوب حزن عميقة لدى عائلتها القاطنة بزقاق شعبي في أطراف بعقوبة.
الحادثة هي الخامسة من نوعها في محافظة ديالى خلال العام الجاري، فيما يردد جار العائلة المكلومة عبارة “الفقر كافر”، في إشارة الى عامل الحرمان والفاقة الذي دفع الفتاة لهذا المصير المشؤوم الذي يحصد أرواحا تفوق ضحايا الإرهاب سنويا.
وفق ذلك يقول مدير مكتب حقوق الانسان في ديالى صلاح مهدي، إن “المحافظة سجلت 5 حالات انتحار منذ بداية العام الجاري”، موضحا أن “70% من اسباب الانتحار في ديالى، هي الفقر والمشاكل الاجتماعية، والنسب الاكبر هم للشباب من كلا الجنسين”.
ويؤكد مهدي، أن “معدلات الانتحار في تزايد وتصل الى العشرات سنويا”، مؤكدا أن ” العوز والمشاكل الاقتصادية والمشاكل الاجتماعية تعد اسبابا رئيسية لهذه الظاهرة”.
أما عضو مفوضية حقوق الانسان في العراق علي البياتي، يقول، إن “نسب الانتحار في العراق مرتفعة جدا في السنوات الماضية والاسباب الرئيسية هي الوضع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي”، لافتا الى أن “الوضع الاقتصادي يقف وراء اكثر من 50% من حالات الانتحار، خاصة وأن نحو 34% من العراقيين هم دون خط الفقر، اي اننا امام 13 مليون إنسان لايزيد اجرهم اليومي عن دولار واحد”.
ويوضح البياتي، أن “الانتحار يعني الوصول الى مرحلة اليائس في ظل غياب الحلول والدعم من قبل المؤسسات والجهات الحكومية”، مبينا أن “70% من المنتحرين هم دون الثلاثين عاما، أي النسبة الاكبر هم من شريحة الشباب”.
ويلفت البياتي الى وجود مفارقة في ملف الانتحار بالعراق، وهي أن “نسب الانتحار في كل دول العالم تكون نسبة الذكور فيها اعلى من الاناث، لكن في بلادنا الوضع مختلف فالنسبة تكون متساوية، بل هناك ارتفاع في نسبة انتحار الاناث بسبب الضغط النفسي والعنف الاجتماعي”.
ويتابع البياتي، أن “ارقام قائمة الانتحار تكون اعلى لدى وزارة الداخلية من مجلس القضاء لأن الاخير تمر اجراءاته بسلسلة حلقات خاصة وان بعض قضايا انتحار النساء تتبين بعد التحقيقات بانه جرائم قتل بداعي الشرف، لكنها تسجل على انها انتحار قبل ان تكشفها التحقيقات فيما بعد”.
أما حسن العبيدي، وهو خبير اجتماعي، فيقول، ان “هناك استسهالا لفكرة الانتحار، لكنها في الواقع ظاهرة تنتشر في اغلب المحافظات العراقية ومنها ديالى”، مؤكدا أن “المعدل السنوي للانتحار يزيد عن 80 محاولة انتحار ينتهي 60% منها بالوفاة وربما اكثر”.
ويحذر العبيدي من أن “قنوات ومواقع تبث محتوى فيه دلالات نفسية تجعل الكثيرين ممن يمرون بتجارب حياتية صعبة يلجئون إلى الانتحار كحل نهائي لحياتهم بعد وصولهم الى مرحلة اليائس”، مؤكدا أن “ضحايا الانتحار في ديالى مثلا اكثر من ضحايا الارهاب”.
ويوضح، أن “هناك مقدمات يمكن من خلالها انقاذ من ينوون الانتحار، لكن للأسف في ظل وجود قيود مجتمعية من ملف العلاج النفسي تكون النهاية مأساوية في اغلب الاحيان”.
اما النائب مضر الكروي يقول “الانتحار ظاهرة مؤلمة تزداد سنويا في العراق، ما يستدعي دراسة لها لوضع الحلول والسعي لبلورة برامج تسهم في معالجة جدية للوضع، خاصة وان الاعداد وصلت الى مئات الضحايا سنويا”.
ويؤكد الكروي، ان “العامل الاقتصادي وتداعياته هو الاكثر تاثيرا في ملف الانتحار، ما يستدعي وضع برامج داعمة للشباب والمجتمع ككل والسعي لتوفير مصادر رزق للعاطلين عن العمل من خلال دفع القطاع الزراعي والصناعي وبقية الملفات الاخرى للنشاط لاستيعاب العدد الاكبر من العاطلين”.