الفجوات الأمنية..مَن يسدها؟
د. فاتح عبدالسلام
انهالت الدعوات والتصريحات من بغداد واربيل على حين غرة من اجل التنسيق الأمني لسد الثغرات التي تسلل منها تنظيم داعش وهاجم قرية جنوبي أربيل وأوقع أكبر عدد من القتلى بين صفوف البيشمركة منذ ان انتهت عمليات تحرير المدن قبل أربع سنوات. الفجوات الأمنية مقصود بها الفراغات التي تخلو من التغطية العسكرية والاستخبارية، وتمتد من نينوى الى ديالى، وهي تقع ما بين الحدود السورية المتصلة بالموصل والحدود الإيرانية المتصلة بديالى. وعسكرياً، المشكلة ليست جديدة، وهي في صلب العمل العسكري لحماية المدن والبلدات وخرائط الميدان، ويُستغرب ان تظهر المشكلة اليوم بمظهر كونها حدثاً مفاجئاً وجديداً. ألم تكن هناك فسحة زمنية وافية لقيام تنسيق أمني في خط مواجهة تنظيم داعش، بعد أكثر من أربع سنوات؟ ثمّ الا يستدعي الإقرار بوجود ثقل كبير لداعش برغم هزيمته في الميدان العسكري، الانتباه الى عظم المشكلة المتداخلة أمنياً وسياسياً في البلد الذي نجده في كل منعطف غارقاً في ازمة سببها سياسيون لا ينظرون أبعد من أسوار المنطقة الخضراء ومقارهم الحزبية المحصّنة؟ الهجمات سوف تتكرر على أكثر من محور، لأنَّ مقدمات حدوثها تتكرر أيضاً منذ شهور عدة، وسط عدم تنسيق كاف بين الأطراف المعنية. والمطلوب هو مؤتمرات عمل عسكري ميداني بين قوات الجيش والبيشمركة في الإقليم، بعيداً عن خلافات سياسية في تسمية عائدية مناطق معينة، ذلك ان الطوفان حين تنكسر السدود لن يفرق بين قوة للجيش وقوة للبشمركة، والجميع سيكون مستهدفاً. لقد فشلتم في العمل السياسي المتجاوز للخلافات التي أنتم ابتدعتموها يوم وصولكم الى سدة السلطة بعد احتلال العراق، فتداركوا الفشل الأمني في الأقل، لأنّ القرى والبلدات والارياف الصغيرة ستكون اول مَن يدفع الثمن عبر تلك الثغرات الأمنية المشتركة. لكن كيف يكون النجاح الأمني مبنياً على فشل سياسي؟ ذلك هو السؤال.