العمود الفقري وانسحاب لوكهيد مارتن.. هل برنامج أف-16 العراقي مهدد؟
يمشط الضابط العراقي “أ.م” منطقة انتشار قطعاته بالمنظار، لكن الأشجار الكثيفة الموجودة في المنطقة أمامه تمنعه من الرؤية، ويقول بحسب موقع “الحرة” إنه يعلم أن “المسلحين موجودون خلف الأشجار، وفي المغارات وفي الوديان العميقة”.
يخدم الضابط، في محافظة نينوى ويقول إن “المناطق الجبلية في الموصل خطرة جدا، لكن الوضع أصبح أفضل بعد الضربات الجوية التي قدمها التحالف الدولي”.
وشنت طائرات التحالف خلال الأشهر الماضية مئات الطلعات والغارات الجوية على المنطقة، بحسب قوات الأمن العراقية، ودمرت كهوفا ومغارات كان التنظيم يخبئ عناصره وأسلحته بها.
ويقول الضابط: “بعد تقليل التحالف لطلعاته، كانت تواجهنا مشكلة قلة الطلعات الجوية العراقية، لكن مع هذا كانت الطائرات العراقية تؤدي دورا مهما للغاية”.
وجهزت الولايات المتحدة الأميركية العراق بـ 34 طائرة “إف-16″، وجميعها متمركزة في قاعدة بلد، وقامت بتدريب طيارين، فيما تؤمن العديد من الشركات الأميركية صيانتها.
وقلل التحالف طلعاته الجوية بعد انسحاب عشرات الجنود من القواعد العسكرية الموجودة في العراق، والتي تستخدم لتنسيق الطلعات الجوية لطائرات التحالف، والتي تعرضت إلى ضربات من مجاميع مسلحة طوال الفترة الماضية.
وغطى سلاح الجو العراقي النقص الذي خلفه تقليل التحالف لطلعاته، مستخدما طائرات F-16 التي تعتبر العمود الفقري للقوات الجوية العراقية.
لكن انسحاب شركة “لوكهيد مارتن” من العراق، الثلاثاء، يهدد كامل برنامج الطائرات المقاتلة العراقية، بحسب ضابط في القوة الجوية العراقية مشترك في البرنامج.
وغادرت الشركة قاعدة بلد الجوية بعد “عدة هجمات صاروخية يبدو أن السلطات غير قادرة على وقفها”، حسب تعبيرها.
وقال الضابط بحسب الموقع الأمريكي، إن “فنيي الشركة يجرون عمليات الصيانة الضرورية على الطائرات المقاتلة العراقية، ومن دون هذه العمليات فإن الطلعات القتالية ستكون غير ممكنة”.
وقالت الشركة المصنعة للطائرات في بيان إنها “تقوم بنقل فريق أف-16 الذي يتخذ من العراق مقرا له”، بسبب “اعتبارات تتعلق بسلامة الموظفين”.
ويأتي القرار بعد تكرار تعرض قاعدة بلد الجوية التي تستضيف الطائرات وفنيي الشركة لقصف صاروخي بشكل متكرر، كان آخره قصف في الثالث من مايو.
ونقلت فرانس برس عن مسؤول عراقي وصفته برفيع المستوى قوله إن “طواقم الشركة غادرت بالفعل صباح الاثنين، ويضم الفريق 72 فنياً متخصصاً من شركة لوكهيد مارتن”، فيما أكّد مصدر عسكري آخر أيضاً مغادرة الفريق للقاعدة.
وقال مصدر من الشركة إن “الشركة تقدر شراكتها مع القوة الجوية العراقية وستبقى مستمرة بالعمل مع العراق وحكومة الولايات المتحدة لضمان نجاح تقدم المهمة” في العراق.
وقالت وزارة الدفاع الأميركية إن “الحكومة الأميركية تنسق عن كثب مع الشركة من أجل ضمان استمرار الدعم لبرنامج أف-16 العراقي”.
وحاليا، تجري الشركة عمليات الصيانة العميقة على الطائرات، بمساعدة فنيين عراقيين يقومون بمراحل صيانة أقل شمولية وعمقا.
ويقول المحلل الأمني العراقي سرمد البياتي إن “البرنامج سيتضرر بالتأكيد”، لكنه قال إن “الإمكانيات العراقية في الصيانة تقدمت بشكل كبير، وهناك مرحلة صيانة واحدة لا يقوم بها العراقيون ومن الممكن أن يحصلوا على تدريب بشأنها”.
لكن محللا أمنيا آخر، هو مصطفى الحديثي يقول إن القوات العراقية “ستفقد الغطاء الجوي” مما يجعلها “أكثر هشاشة أمام داعش، أو أمام الجماعات المسلحة الأخرى في حال حدثت مواجهة”.
ويضيف الحديثي، وهو طيار عراقي سابق، إن “الطائرات المقاتلة الروسية والمروحيات المقاتلة لا تعطي نفس الخيارات بالدعم الجوي للقوات العراقية، حيث تمنح طائرات F-16 سيادة جوية شاملة للقوات العراقية”.
ويمتلك العراق مروحيات مقاتلة متطورة وطائرات روسية قاصفة وطائرات تدريب من ذوات المحرك الواحد تستخدم أحيانا في العمليات العسكرية.
وكانت السلطات العراقية قد أرسلت مستشارها للأمن القومي قاسم الأعرجي الأسبوع الماضي إلى القاعدة لطمأنة الطواقم المتواجدة فيها، بعد أيام قليلة من إصابة متعاقد أجنبي بهجوم صاروخي استهدف القاعدة.
وقال الناطق باسم قيادة العمليات المشتركة العراقية اللواء تحسين الخفاجي لوكالة فرانس برس إن “لوكهيد مارتن ستستمر في تقديم المشورة للقوات الجوية العراقية، حتى من مسافة بعيدة، لأننا ملزمون بعقد لا يمكن مخالفته”.
ومنذ بداية العام، استهدفت خمس هجمات صاروخية على الأقل قاعدة بلد حيث تتمركز شركات أميركية أخرى بما في ذلك ساليبورت، أصيب إثرها ما لا يقل عن ثلاثة متعاقدين أجانب وعراقي واحد يعمل في بلد.
ونادراً ما تتحمل أي جهة المسؤولية عن تلك الهجمات، لكن تتبناها أحياناً مجموعات غير معروفة تعتبر واجهة في الواقع للفصائل المسلحة ، كما يرى خبراء.
ومطلع مايو، ندد مكتب المفتش العام في البنتاغون بـ”زيادة الهجمات التي تشنها الميليشيات الموالية لإيران” في الربع الأول من عام 2021.
وقد سبق أن أشار في تقريره إلى أن هذه الزيادة “تسببت في مغادرة مؤقتة للمتعاقدين الثانويين الأميركيين المنتشرين لدعم برنامج صيانة طائرات إف -16 في العراق”.