“العمة بلاسخارت”.. مع التحية
مازن صاحب
هل العراق بحاجة الى مندوب سامي يتعامل مع متغيرات انغلاق العملية السياسية بقرار جديد من مجلس الامن الدولي؟ سؤال طرق أبواب مواقع التواصل الاجتماعي وكروبات المحادثة على الواتساب في مقاربة واضحة بين ما تفضلت به ممثلة بعثة الأمم المتحدة الى العراق “يونامي” وكلمات السيدة هناء ادور في ذات جلسة الاستماع التي عقدت قبل يومين تحت بند الامن والسلم الدولي. فكل من السيدتين الفاضلتين تحدثتا بصراحة تتجاوز حدود الأعراف الدبلوماسية وفق اتفاقية فينا لبرتوكولات التعاون الدولي، حينما حددت الممثلة الخاصة للأمين العام في العراق، جينين هينيس – بلاسخارت إن العراقيين مازالوا بانتظار طبقة سياسية منشغلة بمعارك السلطة، التي عفا عليها الزمن، بدلا من أن تشمر عن سواعدها لإحراز تقدم في تحقيق القائمة الطويلة من الأولويات المحلية المعلقة في العراق .
في المقابل، ناشدت السيدة هناء ادور رئيسة جمعية الأمل، المجتمع الدولي القيام بمبادرة ملموسة، وضمن سقف زمني محدد، للضغط على السلطات العراقية وصناع القرار بهدف العمل الجدي “لتجاوز حالة الجمود السياسي والانقسامات فيما بينهم وتغليب مصالح الشعب العراقي على مصالحهم الفئوية الضيقة واحترام التزاماتهم الدولية لاتفاقيات حقوق الإنسان”. كلا الامرين يتفق مع الإجابة على السؤال المطروح للنقاش عن قدرات التنمية السياسية المستدامة عراقيا للخروج من حالة الركود والانغلاق في العملية السياسية بأفعال مطلوبة من خارجها تعد حاجة من الضرورات القصوى والملحة، سيما من الجانب الدولي الذي خولته قرارات مجلس الامن الدولي منذ قرار اعتبار العراق دولة محتلة وحتى اليوم، وربما يطرح سؤال اخر عن وضع العراق اذا ما زال تحت احكام الفصل السابع من عدمه ، ومدى إمكانية اصدار قرار او بيان جديد من مجلس الامن الدولي يوضح هذه الحالة ربما كتنبيه فقط لاهل الحل والعقد عراقيا بالانتهاء من فظائع المساومات بين القوى السياسية بعنوان واضح وصريح لمفاسد المحاصصة والانتباه لمصالح الشعب المظلوم بهذه الطبقة السياسية .
المعروف ان تشكيل مؤسسات الحكم في عراق ما بعد الاحتلال الأميركي جاءت في الاغلب بفضل مكتب المساعدة الدولية، احد ابرز وكالات الأمم المتحدة في العراق، وظهرت أسماء مرموقة في كتابة قانون الدولة الانتقالي، ومن ثم دستور 2005 الدائم، واستطاع الأخضر الابراهمي التداول مع مختلف الأطراف وتقريب وجهات النظر لصياغة فقرات حساسة في ذلك القانون وهذا الدستور لعل ابرزها فقرة المقاربة بين ثوابت الدين الإسلامي والديمقراطية وحقوق الانسان كمصدر دائم للتشريعات العراقية، واي تقييم لمسيرة العملية السياسية خلال حوالي العقدين من الأعوام توجب التعامل مع هذه المساعدة الدولية، وتحتاج اليوم الى تقويم جديد لتجاوز الانغلاق في العملية السياسية .
والرسالة التي اوجهها في هذه الاسطر لمبعوثة الأمم المتحدة في العراق، ان تمارس دور الأخضر الابراهيمي في تقريب وجهات النظر وإطلاق مبادرة اممية بموافقة مجلس الامن الدولي تؤسس على ما ورد في حيثيات الدستور العراقي وتلك التفاهمات التي اوجدت حالة التوافق السياسي لبلورة ديمومة العملية السياسية بوجود اغلبية برلمانية مقابل قوة معارضة برلمانية معتبرة، والحد من اعتبار تطبيق هذا النموذج نوعا من الاستهداف السياسي والتهميش للقوى التي تكون في المعارضة البرلمانية وفق ذات المعطيات الدستورية، وربما يتطلب ذلك إعادة النظر في النظام الداخلي لمجلس النواب وقانوني الأحزاب والانتخابات، وإيجاد مصفوفة حلول واقعية لتطبيق الاستدامة السياسية وفق معايير الحكم الرشيد، واعتبار ذلك من ثوابت العملية السياسية برمتها . نعم، هذه مهمة صعبة وسط التشنج الحالي، ولا نرحب بها بعناوين وطنية براقة تذهب الى إمكانية إيجاد الحلول بين هؤلاء الفرقاء سيما في البيت السياسي الشيعي وربما الكردي والسني أيضا والبديل لذلك قد ينتهي بتعديل شامل للدستور العراقي او حالة عرفية تنقل النظام السياسي الى حال اخر من تطبيقات النظام الفيدرالي الذي يخصص الفواصل ما بين صلاحيات الحكومة الاتحادية والاقاليم العراقية، عندها لن تستخدم “دبلوماسية الصواريخ” لحل الإشكالات ما بين حكومة إقليم كوردستان وبقية الفرقاء في الحكومة الاتحادية، وهذا يحتاج الى أفكار عراقية من خارج صندوق الانغلاق الحالي في العملية السياسية، لكن هذه المهمة جدير ان تفكر بها وتبادر بدراستها “العمة بلاسخارت” ما دام صمت اهل الحل والعقد في القوى المجتمعية والدينية العراقية التي بح صوتها ولم يستمع لها، فهل يستمع من في اذانهم وقر لصوت الحكمة الأممية، ربما ولعل وعسى ترمى احجارا في بركة هذا الصمت دوليا ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!