العقائد والمذاهب التي أوصلت العراق إلى هذه الحالة المزرية !
بقلم: مهدي قاسم
توجد شعوب وأقوام عندها طوائف ومذاهب و أعراق وعقائد أصبحت بمثابة نعمة ثراء روحي ومادي و تنوّع جميل و رائع وإبداع متعدد جوانب و تجدد وتألف و انسجام كشعوب أوروبية على سبيل المثال ليس الحصر ( لأنها استفادت من تصارعها الدامي والقديم وتجاوزته نحو قيم إنسانية حقة ) في مقابل توجد مجتمعات أصبحت عندها المذاهب والعقائد مصدر تخندق و انشقاق وتقاتل ومنبع أحقاد و كراهيات مزمنة كلعل دائمة ، يبدو لا رجاء من شفائها ..ومع الأسف أن المجتمع العراقي ــ طبعا نقول ذلك بدون تعميم مطلق على الكل ــ قد اثبت مرة أخرى أنه ينتمي إلى هذه المجتمعات الأخيرة التي اعمت قلبها تحزبات و فئوية وعقائد ومذاهب التي يفترض أن تكون مسألة شخصية بحتة دون تلبيسها كسوة عقائدية ضيقة وخانقة بحجم الوطن وفرض عملية ارتدائها على الغير بوسائل عنف وإكراه .. على الأقل هذا ما أثبتته الآن ذكرى حلول انقلاب ــ ثورة 14تموز ، هذه الذكرى التي أزاحت غطاء” البلوعة ” الطائفية والفئوية عن قلوب عليلة بهذا الداء الخطير والمدمر ، و الذي لا يقّل خطرا عن كورونا الذي سيزول حتما بينما داء الطائفية والفئوية يبدو فلا .. بينما نحن اعتقدنا بأنه بعد انحسار العمليات الإرهابية اليومية واستتباب الأمن نسبيا، والانفتاح العام للنسيج الاجتماعي العراقي في بداياته الأولى على بعضه بعضا ، قد يجعلنا أن نقفز فضاءات التخندق الطائفي والفئوي نحو ضفة المواطنة الحقة الواسعة ، غير أنه اتضح أن هذا التخندق الطائفي لا زال باقيا ، مثلما كان عليه سابقا مشتعلا ، متأججا بيران أحقاد وكراهيات ملتهبة تحت رماد نفاق وتضليل وخداع متواصلين حتى الآن .. أنا من جانبي حاولت الانفتاح على بعض من هؤلاء الطائفيين والطائفيات ــ سواء من هذا الطرف أو الآخر ــ لإعطاء فرصة ، معتقدا باحتمال شفاء أرواحهم المريضة من داء الطائفية والفئوية والحزبية الدموية القديمة ، طبعا ، دون عقد أمال كبيرة على مثل هذا الشفاء ، لهذ ا واعتبارا من الآن فصاعدا سأقوم بتنظيف قائمة أصدقائي من هاتك الطائفيات وأولئك الطائفيين مرة واحدة وإلى الأبد.. سأفعل ذلك لاعتقادي بأن الطائفي والحزبي المتزمتين ــ و من أي طائفة كان أو فئة ينتمي ـ لا يقل تفاهة وانحطاطا عن تفاهة أي عنصري شرس وحاقد آخر في العالم ..بالمناسبة أنا ليس فقط مع إعادة النظر في تقييم الأحداث التاريخية وشخوصها تقييما محايدا وموضوعيا وبعيدا عن عواطف سياسية وعقائدية مغلقة ومنحازة مسبقا فقط وبروح أكاديمية ومهنية صادقة ، أنما أؤيدها و أدعمها أيضا ولكن ـ أكرر مرة أخرى ــ بشرط دون أي تحيَّز طائفي أو فئوي ضيقين.