مقالات

العسكرة وذكرياتها تعود إلى الواجهة من جديد

!محمد حسن الساعدي

على الرغم من التأكيدات التي أعلنتها لجنة الأمن والدفاع النيابية, من أن مشروع قانون خدمة العلم (التجنيد الإلزامي) سيطبق بعد سنتين من تشريعه, في حال مُرر في مجلس النواب بصيغته الحالية، إلا أن الاعتراضات على أصل القانون ما زالت قائمة وبقوة، فأدت لسحبه من جدول أعمال جلسة مجلس النواب..أن تطبيق مشروع القانون في حال تشريعه, بعد سنتين من نشره بالجريدة الرسمية, سيتيح متسعا من الوقت لأجل تهيئة جميع مستلزماته من الناحية المالية أو من اللوجستية, في حين لم تبدِ الحكومة أو حتى القيادات العسكرية أي اعتراضات على تشريع القانون.يعتقد وكما يرى كثير من المراقبين, أن رعاية القطاع الخاص وتشغيل الأيدي العاملة أهم من التجنيد، والإنفاق الاستثماري أهمّ من الإنفاق العسكريّ، والورش والمعامل والمشروعات أهم من الثكنات، والتعليم الإلزامي أهم من التجنيد الإلزامي، والمستشفيات أهم من دوائر التجنيد، والكتاب المدرسي أهمّ من البندقيّة، والمدارس أهمّ من المعسكرات، والأطفال أهمّ من الجنرالات. يرى أخرون أن تطبيق القانون يمثل عسكرة للمجتمع, وزيادة أعباء الدولة المالية لأغراض عسكرية, وفتح أبواب واسعة جديدة للفساد من خلال التجنيد الإلزامي، كذلك أعباءه المالية من رواتب ضباط ومجندين وشراء أرزاق ووقود ومركبات, وبناء معسكرات ضخمة وأسلحة ومستلزمات وأثاث وملابس عسكرية وأفرشه وأسرّة ومنامات غيرها كثير, ستكلفنا مليارات نحتاجها اكثر مما يتطلبها تجنيد أولادنا في الخدمة الإلزامية، لذلك من الأولى أن تخصص تلك الأموال لتطوير التعليم ومكافحة المخدرات بدل إنفاقها في إرهاق شبابنا، ويفتح المجال واسعاً أمام التمايز في الطبقات بين أبناء المجتمع الواحد. في الوقت الذي يتطلع فيه العراقيون جميعاً إلى تشريع قوانين, تسهم في رفع مستوى الشفافية والنزاهة داخل مؤسسات الدولة, وتعزيز الديمقراطية في هذا البلد، نتفاجأ اليوم بسماع نوايا البرلمان العراقي وهو يعتزم تشريع قانون التجنيد الإلزامي, الذي يعيدنا إلى الحقبة الديكتاتورية المقيتة التي تسلطت على رقاب العراقيين أكثر من ثلاثين عاماً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى