العراق يرفض عرضاً صينياً لشراء حصة «إكسون موبيل» في «غرب القرنة»
أكد مدير عام المكامن بوزارة النفط محمد العبودي، أن الوزارة تجري مباحثات مع شركات أميركية، للاتفاق على شراء حصة “إكسون موبيل” في أحد أكبر حقول البلاد، مشيراً إلى أنها رفضت عرضاً صينياً قدم لهذه الغاية.
وقال العبودي إن “شركة صينية قدمت طلباً لشراء حصة “إكسون موبيل” في الحقل والبالغة 32.7%، إلا أن الحكومة العراقية رفضت، وطالبت بالتريث لمدة شهرين، قبل الموافقة على أي عرض مقدم من قبل شركات صينية أخرى”.
ويعود ذلك وفقاً للعبودي، إلى رغبة وزارة النفط في أن يكون البديل للشركة الأميركية، شركات غربية أو أميركية، وذلك كي لا ينحصر التعامل مع الشركات الصينية والروسية داخل الحقل.
ولفت إلى أن انسحاب “إكسون موبيل”، لن يؤثر بأي حال من الأحوال على العمل في الحقل، أو على قدرته الإنتاجية، مرجحاً أن تشتري الوزارة حصة الشركة، وتكليف إحدى الشركات المحلية بالعمل داخل الحقل.
ويأتي هذا الإعلان في وقت يعاني العراق من أزمة اقتصادية فرضتها جائحة كورونا، وقرارات منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” وحلفائها، الداعية إلى تخفيض إنتاج النفط.
“بيئة غير مشجعة”
وعزا مصدر في وزارة النفط العراقية رغبة الشركة في الانسحاب من العمل في العراق، إلى جائحة كورونا، وانخفاض الطلب على النفط في العالم، إضافة إلى كون العقود النفطية في العراق صعبة، وأرباحها قليلة، مقارنة بالدول الأخرى المجاورة.
وأضاف المصدر، أن “السبب الأهم هو الوضع الاقتصادي والسياسي في العراق، وتكرار الاستهداف لمصالح الشركة، خاصة بعد مقتل قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري” الإيراني قاسم سليماني، في 3 كانون الثاني 2020 بضربة عسكرية أميركية قرب مطار بغداد.
وتعتقد الشركة الأميركية، بحسب المصدر، أن “العراق أصبح بيئة غير مشجعة للعمل في الوقت الحالي”، ومن بين الأسباب التي كشف عنها أيضاً، طلب العراق تخفيض الإنتاج في الحقل، وهو ما ينعكس بالتأكيد بشكل سلبي على خطط الشركة الإنتاجية والاستثمارية.
ولفت المصدر، إلى أن “إكسون موبيل” تلكأت في إنجاز المشروعات المطلوبة منها في حقل (غرب القرنة1)، مشيراً إلى أن هذا التلكؤ جاء بسبب مراجعتها للجدوى الاقتصادية من مشروعاتها في كل العالم وليس فقط في العراق، موضحاً أن حصة الشركة في الحقل تقدر بــ500 مليون دولار.
تأخر سداد المستحقات
وتسببت رغبة الشركة في بيع حصتها البالغة 32.7% في الحقل، في صدمة للحكومة العراقية، إذ أبرمت الأخيرة العام الماضي عقداً بقيمة 500 ألف دولار مع شركة “لمبرغيني”، لحفر 96 بئراً داخل الحقل.
ويرى الخبير النفطي فرات الموسوي، أن أحد الأسباب التي دفعت الشركة إلى الانسحاب، هو “التأخير في سداد مستحقاتها من قبل وزارة النفط، وشكواها المستمرة من عدم وجود استقرار أمني وسياسي للعمل في المجال النفطي في العراق”.
وعلى الرغم من أنها ليست المرة الأولى التي تقدم فيها “إكسون موبيل” على الخروج من العمل في حقل “غرب القرنة1″، إلا أن الموسوي أعرب عن دهشته من تلك الخطوة، إذ يعُتبر الموقع النفطي من الحقول العملاقة بإنتاجية 300 ألف برميل يومياً، فضلاً عن أنه يمتلك احتياطياً عملاقاً يصل إلى 9 مليارات برميل.
شركات صينية على الخط
ورجح الموسوي، أن تكون إحدى الشركات الصينية “بتروشاينا” أو “سينوك”، بديلاً عن شركة “إكسون موبيل”، بعد الاتفاق على شراء حصتها في الحقل، في سيناريو مشابه لما حدث عام 2018، عندما انسحبت شركة “شل”، من حقل “مجنون” في البصرة، وحلت بدلاً منها شركات صينية أيضاً.
ولفت إلى أن انسحاب الشركة لن يؤثر على طبيعة الإنتاج في الحقل، بسبب وجود قرار “أوبك” وحلفائها تخفيض الإنتاج، مشيراً إلى أن التأثير سياسي بمجمله، يتمثل في خسارة شركة أميركية عملاقة، وهو ما تتحمله الحكومة العراقية، التي “لم تستطع إقناع الشركة بالبقاء والعمل في البلاد”، وفق قوله.
كانت “إكسون موبيل”، أعلنت بيع حصتها في الحقل العام الماضي، بسبب سوء الظروف الأمنية ووجود تهديدات لها كما أعلنت حينها، كما أبدت رغبتها في الانسحاب أيضاً عام 2012، بسبب مخاوف تتعلق بربحية المشروع، وأكدت وقتها أنها ستبيع حصتها لشركة “لوك أويل” الروسية العاملة في حقل “غرب القرنة2”.
احتياطي 8.7 مليار برميل
وتتقاسم “إكسون موبيل” العمل في حقل غرب القرنة مع شركات “بتروشاينا” الصينية و”برتامينا” الإندونيسية و”إيتوشو” اليابانية، فيما لم تتوصل الشركة إلى إبرام اتفاق مع الحكومة العراقية في وقت سابق بخصوص مشروع الجنوب المتكامل، الذي يتضمن ضخ 5 ملايين لتر من مياه البحر إلى الحقول لزيادة الإنتاج منها، إضافة إلى تطوير بعض الحقول الأخرى.
ويعد حقل “غرب القرنة1” من أكبر حقول العراق، وجرى استخراج النفط منه أول مرة عام 1973، في حين يبلغ الاحتياطي المؤكد للحقل 8.7 مليار برميل، ويعد أيضاً أحد الحقول المجزية التي تتطلع إليها كبرى شركات النفط العالمية. وسبق لشركة “أكسون موبيل”، أن فازت بعقد استثمار الحقل في جولة التراخيص النفطية الأولى التي نُظمت في العراق لتطوير الحقول النفطية عام 2008.
المصدر: الشرق