العراق ومحيطه
حمزة مصطفى
على مدى السنوات الثماني عشرة الماضية بقيت العلاقة بين العراق ومحيطه عربيا كان أم إسلاميا، تمثل إشكالية للطرفين, للعراق وللجيران الأقربين منهم والأبعدين، بين العهدين, عهد ما قبل 2003 وعهد ما بعدها لم تكن علاقات العراق طبيعية وهذا أقل ما يمكن أن يقال عنها مع المحيط العربي والإسلامي وحتى الدولي، لسنا بصدد التطرق الى طبيعة علاقات العراق السياسية والاقتصادية مع الآخرين قبل سقوط بغداد والاحتلال الأميركي للعراق في نيسان 2003. لكن مايهمنا هو ما حصل بعد التغيير. ففي غضون السنوات الأولى من الاحتلال الذي جرى تصنيفه أول الأمر، بوصفه تحريرا سوف يجلب الديمقراطية للعراق وكل مفردات البطاقة التموينية، كانت الأجواء ملتبسة بشأن ما بعد الوعود الوردية، لم ينتظر العراقيون طويلا حتى إكتشفوا أن الأميركان جلبوا الديمقراطية وسلبوا كل مفرادت البطاقة التموينية، فالذي حصل إننا نجري كل أربع سنوات انتخابات ونتداول السلطة سلميا ونتعارك بالبرلمان مثل أي برلمان بالعالم وننتقد المسؤولين بشدة بالفضائيات، قبل أن تنبت لهم فيما بعد أسنان حادة، بعد أن اكتشفوا أن الديمقراطية «ما توكل خبز» ولا «تمن» الذي طبقا لاعتراف مسؤول كبير قبل أيام «طلع معفن».ولأن العراقيين حاروا «بدردهم» الديمقراطي طوال هذه السنوات لم يعد أحد يهتم بقصة العلاقة مع المحيط، سواء كان عربيا أم إسلامي أم أجنبيا. وفي حال تم التطرق الى هذا الموضوع فإن الحديث عنه يجري طبقا للمحاصصة التي قامت عليها العملية السياسية. بمعنى أن الحديث عن العلاقة مع الآخرين ليست طبقا للمصلحة الوطنية بقدر ماهي محاصصة مثل توزيع الحصص والمناصب. فالذي يحب أميركا لا يزال يسميها تحرير ويدعو الى بقائها في العراق, وبالعكس. والذي يكره إيران يقول هي سبب المشكلات وبالعكس. والذي يحب دول الخليج يدعو الى الانفتاح عليها دون الآخرين وبالعكس، بل وصلت قصة المحاصصة بالمواقف الى الصين الشعبية نفسها. فنحن منذ سنتين «نصرف حكي» على الاتفاقية الصينية، أكثر مما صرفه الروس والأميركان طوال نحو نصف قرن من اتفاقية سالت 1 وسالت 2.الآن وصلنا الى مستوى آخر من العلاقة مع المحيط تبدو لأول مرة مختلفة عن كل المرات السابقة. ننتظر بلورة صحيحة لها لكي نرسو على بر في إطار علاقتنا مع محيطنا.