العراق والدوران في الدائرة المغلقة
عبد الستار رمضان
ما زال مجلس النواب العراقي يراوح في مكانه ولم تتوصل القوى السياسية إلى اتفاق نهائي بشأن حسم الدوائر الانتخابية المتعددة في قانون الانتخابات الجديد، بل وحتى وقت متأخر من موعد الجلسة المقرر عقدها يوم السبت 10/10/2020 فانها لم تعقد اصلا اما لتعذر تحقق النصاب القانوني لعقدها، او لاحتمال تأجيلها الى موعد لاحق.فالخلافات السياسية مازالت قائمة بين كل القوى السياسية ووجهات نظر مختلفة وهو ما دعى العديد من النواب للتصريح بأنه )في ظل الخلافات والأجواء السياسية، لم يصوت البرلمان العراقي على حسم الدوائر الانتخابية المتعددة، ولن يتم التصويت بشكل كامل ونهائي اليوم، وهذا الأمر يحتاج إلى وقت، وربما يتم ذلك خلال الأيام المقبلة، بعد إكمال الحوارات خلال اليوم أو اليومين المقبلين).هذا هو حال السلطة التشريعية وحال بقية السلطات ليس احسن ان لم يكن اسوء بكثير، وهو ما يبين وبوضوح ان العراق لا يسير او يتحرك باتجاه الحلول او انفراج الازمات، بل يراوح او يتقدم خطوة ويتراجع خطوتين وبالمحصلة النهائية فان الاوضاع تزداد سوءاً وابواب الحلول مازالت موصدة ويصعب فتحها.فرغم التحديات والمخاطر الكبيرة والوعود والاجراءات التي يتم الاعلان عنها او يتم تسريبها ونشرها عبر وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي بالقبض او توقيف بعض الشخصيات بدعاوى الفساد وسرقة المال العام، الى ان واقع الحال لا يختلف كثيرا عما كان عليه في السنوات السابقة، بل وتزاد المصاعب والازمات مع تأخر توزيع رواتب الموظفين واصبح الانجاز الحكومي هو في تأمينها ودفعها في اوقاتها المعروفة.العراق دولة تعاني الكثير من المشكلات والازمات والاختلافات الكثيرة التي جعلت الجميع يدور في دائرة مغلقة باحكام ولا يستطيع احد الافلات منها، فحتى الانتخابات المبكرة التي هي في كل دول العالم فرصة للتغيير وبوابة أمل لتصحيح الاوضاع الموجودة، فانها تصطدم بمعوقات وتحديات جدية وخطيرة يمكن ان تطعن في نزاهتها وصدقيتها، بل وربما يتم تدوير ذات الاحزاب والكيانات والقوائم الانتخابية وتأتي شخصيات مستنسخة من الشخصيات التي قادت العراق الى هذا الخراب الكبير.ان الترابط والتوافق بل وحتى الارتباط والاتفاق المصيري بين قوى الطائفية السياسية والقومية والمصلحية التي تمتلك القوة والسلطة والمال والاتباع في كل مفاصل واركان الدولة والحكومة، تجعل من الانتخابات طريقة تمكنها من تدوير نفسها واستنساخ هيمنتها باشخاص واسماء جديدة تحمل نفس المضمون والجوهر رغم انها قد تختلف في الشكل والمظهر.هذه القوى التي تمتلك الكثير منها ميليشيات وقوات مسلحة قد تكون منضمة او مستترة تحت اسماء وقوالب شكلية قانونية، لكنها عندما تحين الساعة فهي لا تبصم ولا تؤيد ولا توقع الا لمصلحة اشخاص واحزاب وقوائم مهما غيرت من ارقامها واشكالها لكنها تبقى واحدة في الجوهر والمضمون.تكرار واستنساخ التجارب والمشاريع الفاشلة والقوانين التي يتم تشريعها على مقاس ومصالح الكيانات السياسية الكبيرة من دون تحقيق مطالب المتظاهرين وعموم ابناء الشعب العراقي الطامحين الى الاصلاح والتغييرسوف يؤدي الى ذات النتائج التي اوصلت العراق الى ماهو عليه الآن.نحتاج الى الخروج من دائرة التفكير المغلقة التي تعيشها الطبقة السياسية التي تحولت الى طبقة ملاكين اقطاعية وتجار امتلكوا كل شئ وغير مستعدين لاعطاء اي شئ للشعب والذي انتفض وتحرك من اجل كسر الدائرة المغلقة التي تم فيها حجز وأسر العراق.