العراق والجائحة والكوكب فبراير
د. فاتح عبدالسلام
هناك قناعة راسخة، انّ الاحصائيات المعلنة عن عدد الاصابات بفيروس كورونا في العراق هي أقل بكثير من العدد الحقيقي. كنتُ أتحدث الى أصدقاء وأقرباء في محافظات مختلفة، طوال الشهور العشرة الاخيرة وجميعهم مصابون بالفيروس من دون مراجعة اية جهة رسمية طبية لتسجل أعدادهم .
وهذا دليل بسيط وعرضي على عدم دقة الارقام.
والمسألة لا تخص قطاع الصحة وحده، ذلك انَّ هناك خللاً كبيراً في ميدان الاحصاءات والبيانات والمعلومات الدقيقة في معظم القطاعات، وهذا النقص تتركب عليه علاجات خاطئة إستناداً الى أرقام غير صحيحة.الاخطر في الامر، هو غياب دور الاعلام والهيئات الحكومية والبرلمانية في تبصير الناس بشأن انَّ العراق لا يزال في قلب عاصفة الفيروس، كما معظم دول العالم، مادام اللقاح لم يصل الى جميع المواطنين، كما انّ العلماء والوقائع أثبتوا أنّ كثيراً من المصابين في الموجة الاولى أصيبوا مرّة ثانية، وربّما تكون اصاباتهم أشد. وانّ أطول مناعة زمناً لا يتجاوز ستة أشهر .
فمن أين جاءت القناعة في الشارع العراقي حول انّ الجميع باتوا في مأمن كونهم سبق أن أصيبوا وانتهى الأمر، وأنّ فيروس كورونا صار من الماضي؟على نفس المنوال هناك شائعات قوية وواسعة متداولة في أوساط العراقيين، سبق أن جرى دحضها في العالم حول تخويف الناس من التلقيح في اطار نظرية المؤامرة التي تشتغل في رؤوس الكثير من العاطلين عن التفكير.
ربما حين يصل اللقاح الى البلد تتغير كثير من القناعات.
المسألة الصحية في العالم تتصدر الاخبار وعجلة الميديا الكبرى وتتفوق على اخبار الزعماء والقنابل النووية والصراعات القارية ،إلا في بلدنا، إذ تغلب أحداث سياسة صغيرة، وربّما نزاعات خلافات تافهة، الاهتمام المطلوب بهذه الجائحة اللعينة.
أيّها العراقيون، عاصفة كورونا لا تزال تهب كُلّ يوم في موجات ثانية وثالثة، وبلدنا ليس خارج الكوكب، بالرغم من الايحاءات القوية التي تحيل الى أنه فعلاً خارجه.