العراق ساحة صراع، لكن لمَن؟
د. فاتح عبدالسلام
ما قاله الرئيس الأمريكي في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن فتح الصفحة الدبلوماسية في مرحلة ما بعد انتهاء حرب أفغانستان هو عنوان استراتيجي امريكي يجري الإعلان الرسمي عنه للمرة الاولى، ويؤكد المعطيات التي تذهب الى أن الولايات المتحدة لن تشن حرباً كالتي شنّتها في العراق وأفغانستان لأمد طويل وحتى تتغير معادلات كبرى في الاستراتيجيات الدولية لواشنطن ولحلفائها وخصومها. المسألة ليست الفشل الأمريكي في قطف مكاسب حرب واحدة خاضتها الجيوش الامريكية، لكن الامر يتعلق بالنظر الى قائمة الخسائر التي تمتد الى المصالح الاستثمارية والنفطية والاقتصادية المهددة تحت نيران حروب، يمكن القول انها أمريكية في الشكل الا ان الذين يقطفون ثمارها كل يوم هم خليط من أعداء واشنطن بمختلف مسمياتهم. فضلاً عن حاجة الامريكان للخروج من حروب استنزاف من دون ان تشعر هي في غنى عنها حتماً. ايران سوف تفيد من الاستراتيجية الامريكية الجديدة ، في مفاوضات الملف النووي ، وان القناعة تترسخ ساعة بعد أخرى بأن الإدارة الامريكية في المدى المنظور لن تشن حرباً مباشرة على ايران تحت أي تطور في الملف النووي. لكن هذا المنحى الجديد لواشنطن لا يعني انها تجردت عن أسلحة الردع التي تستخدمها في التعامل الدولي، واهمها العقوبات الاقتصادية وضربات ما يسمى الدفاع عن النفس او لصد تهديد مباشر، وهذه بنود قد تكون واسعة وتحتمل تطورات واحداثاً كبيرة وخطيرة. أما العراق، فهو حتماً لن يكون ساحة للأمريكان في شن اية حرب، كما تطلب الحكومة العراقية، لكن لا احد يستطيع ان يمنع ايران وتركيا من اعتبار العراق ساحة حرب، بحسب التخريجات التي تسوقها الدولتان تبعاً لمصالحهما، ولعل ذلك سيكون واضحاً على نحو كبير في إقليم كردستان العراق اكثر من سواه.