العراقيون يريدون “رجال دولة” وليسوا “خدما” !!
حامد شهاب
يواجه المرشح لرئاسة الوزراء مصطفى الكاظمي، وبرنامجه الذي ينوي إعلانه جملة تحديات ومؤشرات خطيرة ، يمكن إيجازها ضمن الملاحظات التالية:
1. إن إعلان ترشحه لرئاسة الوزراء في التاسع من نيسان ، يوم سقوط بغداد على يد الاحتلال الامريكي ، هو أول مؤشر (سلبي) ، لكون هذا اليوم يحمل دلالات مريرة في الذاكرة العراقية، تمثلت بسقوط بغداد وتهاوت معالم دولتها، وهو ما شكل صدمة لملايين العراقيين ،بضمنهم قوى معارضة وجماعات عراقية (شيعية) مسلحة ،كانت تنظر الى هذا اليوم على انه يوم أسود في تأريخ العراق، ولن يكون علامة تفاؤل بكل تأكيد!!
2. إن دولة منهارة ومدمرة تتآكلها الصراعات المحلية والإقليمية والدولية ، ليست بحاجة الى (شخص خادم) بل الى (قيادي منقذ) يرتفع بها الى حيث يتمنى العراقيون، لا أن يكون بهذه الدرجة التي لايتمناها العراقيون لمن يتوالى أمرهم، في منزلة (الخادم) حيث تكون تلك المهام غالبا في المساجد والحسينيات وفي دوائر العبادة ، وليس لها شأن بقيادة بلد تواجهه تحديدات خطيرة وجسيمة كالتي يواجهها العراق ، وتتطلب تلك المرحلة الخطيرة “رجال دولة ” وليسوا “خدما” !!
3. يفضل أن تكون المهمة المحددة لأي مرشح يتولى مهمة رئاسة الوزراء لمرحلة انتقالية بضمنهم الكاظمي ، هي إجراء انتخابات مبكرة، ومواجهة تحدي كورونا، ومعالجة تداعيات الوضع الاقتصادي المتردي ، وليس معنيا بأي من النقاط الكثيرة التي يتضمنها برنامج (مهلهل) ليس بمقدور أي رئيس وزراء تنفيذه، كونه سيحكم لمدة عام او قد تزيد فترته بضعة شهور، وان ارهاق نفسه ببرنامج موسع يتجاوز العشرة نقاط سوف لن يكون بمقدوره تطبيقه ، وسيواجه مصير من سبقوه، وهو الفشل لامحالة، ولو اقتصرها على ثلاث أو أربع نقاط مهمة لكان ربما قد حقق (مكاسب) قد توصف بأنها (مهمة) وتقدم خدمة فعلية للعراقيين!!
4. وما دام الكاظمي هو “مرشح الصدفة” وليس مرشح “الاختيار”، فهو سيواجه تحديات كثيرة من الكتل السياسية ، وربما هي من تسعى الى إفشاله ، للعودة بأحلامها الى “المربع الأول” ، حيث ما تزال بعض القوى ترى أن لديها حلم بأن عبد المهدي سيكون أمامه فرصة أخرى للعودة ، وهي ربما تنتظر أي خلل أو حالة فشل في ألاشهر الأولى للكاظمي ، لتوجه له سهام النقد والتجريح، ولكي تؤكد للاخرين ولكتلها السياسية أيضا أن من يكون “مستقلا” ولا يأتي من داخلها ومن جماعاتها السياسية وأذرعها المسلحة لن يكون بمقدوره النجاح، وإن الرموز التي ترشحت وكانت تمتلك من معالم القوة والحزم لن يكتب لها النجاح ، ولهذا فهي لن تترك الكاظمي يحقق (مكاسب) على حسابها ،وهي لابد وان تتحين الفرص لعرقلة مهمته !!
5. إن الكاظمي لن يكون أقلا من سابقيه من حيث طبيعة التآمر الشرس الذي سيواجهه من كتل سياسية، وبخاصة أنه كان كما ذكرنا، أنه “مرشح المضطر”،بعد أن عجزت الكتل السياسية ” الشيعية” عن التوافق على مرشح بعينه، وقد تجاوز عدد من ترشحوا قبله العشرة أشخاص، ثمانية منهم سقطوا منذ ساعات إعلانهم، وإثنين جربوا حظهم للترشح، لكنهم أخفقوا قبل ان يصلوا الى قبة البرلمان، واعلنوا تنازلهم عن المهمة!!
6. إن الكلام “المعسول” وعبارات “الترحيب المنمقة”، التي قوبل بها الكاظمي من كتل وشخصيات سياسية كثيرة يخفي كثيرا من (مرارات السلطة) ، وهناك من سيدس له (السم في العسل) عندما يجد الفرصة سانحة أمامه للعمل على إفشاله، بأية طريقة، فتلك الكتل والشخصيات الخاسرة، لن تترك الكاظمي يحقق (مكاسب) ولو كانت صغيرة دون ان توجه له الضربات التي تراها موجعة للانتقام منه ، وهو الذي كان (حجر عثرة) بوجه وصولها الى سدة هذا المنصب، وهي التي لاتترك فرصة أمام البرلمان او الجمهور الا وتشهر بما يحدث من حالات خلل، على طريقة (نشر الغسيل على الحبال) ، لكي تظهر عيوبه أمام الآخرين، ويكون عرضة للانتقاد من أي من يضمر له الشر والضغينة في داخله ، وهو الذي كان من وجهة نظرهم، قد (سرق) منهم الأضواء والمكانة، واعتلى المنصب، رغما عنهم، وعن إرادة كتلهم!!
7. يرى مراقبون انه لن يكون بمقدور الكاظمي ، مهما بذل من تضحيات، أن يواجه تداعيات الصراع الامريكي الايراني، او يضع له حدا، كما تعهد في أول كلمة له امام الشعب، فقد قالها آخرون قبله واخفقوا في مهمتهم، وهو سوف لن يكون بأكثر حظا من سابقيه ، لأن تعقيدات هذا الصراع، تأخذ أبعاد متناقضة ومتنافرة وحادة، ويصعب (التوازن) عند التعامل مع طرفيها، لكون الكفة تميل الى (ولاءات الخارج) ولايران لها الغلبة في هذا الولاء، ، ولا أحد سوف يقدم له (تسهيل مهمة) أن يخلع هيمنة هذه الجهة او تلك ، أو يكون بمقدوره مواجهة تداعيات إصطدامهما على أرض العراق!!
8. إن تحدي كورونا والوضع الاقتصادي المتعب وقضية التظاهرات، وتحقيق المطالب الشعبية، وعدم ثقة العراقيين بأية حكومة تأتي، لن يكون عاملا مساعدا يمكن أن يكون (عونا) للكاظمي في مهمة عسيرة وصعبة ومعقدة، وتحتاج الى (معجزة) لكي يكون بمقدوره مواجهة تداعياتها على أكثر من صعيد!!
هذه هي الملاحظات المهمة التي يمكن ان نضعها كمؤشرات تحول دون بلوغ الكاظمي تحقيق أهدافه، وهي من تحول دون أن يكون بمقدوره يوصل العراق الى شاطيء الأمان!!