الطماطم.. حصاد بأياد عراقية ومعجون بطبخة خارجية!
رغم توفر المواد الاولية، ووجود وفرة كبيرة في الطماطم بالبلاد إلا ان العراقيين لا زالوا يشترون معجون الطماطم المستورد من الخارج وهو كما نعلم مادة اساسية موجودة في كل منزل ويدخل في صناعة أكثر من أكلة.وفي بلد فقد الصناعة والمنتج المحلي معتمداً على اكثر من 95 بالمائة من مدخوله السنوي على النفط لا زال يتساءل العراقيون لماذا لا نصنع المعجون؟ ربما هذا التساؤل يطرح على كثير من المنتجات الاخرى ولكن مادة اساسية سهلة الصنع ومتوفرة كافة موادها الاولية بل ان كثير من العوائل العراقية يصنعونه في البيوت.. لماذا لا يتم صنعه في البلاد؟وفي هذا الصدد وجهنا سؤالنا الى وزارة الصناعة المعنية بالموضوع لمعرفة أسباب عدم وجود وتشغيل المصانع في البلاد من اجل تحويل المواد الاولية المتوفرة وصناعة مواد أخرى كثيرة وتحقيق الاكتفاء الذاتي منها لدعم المنتج المحلي الذي بدوره سيعمل على توفير السيولة المالية وعدم خروج العملة الصعبة خارج البلاد.حيث قال المتحدث باسم الوزارة مرتضى الصافي انه “بعد عام 2003 كانت الحكومات العراقية تخصص مبالغ غير كافية لوزارة الصناعة للنهوض بالصناعة الوطنية”، مبيناً ان “المبالغ المخصصة كانت قليلة وترقيعية لذلك لم نشاهد اي تطور واي زيادة في المصانع العراقية”.وأضاف ان “الوزارة وخلال السنوات القليلة الماضية توجهت الى الاستثمار مع الشركات العراقية والعربية والاجنية وشراكة القطاع الخاص لكي تكون هناك سهولة في عملية جلب الخطوط الانتاجية وتسهيل الامور القانونية”.وتابع ان “مصانع معجون الطماطم وغيرها من المعامل البسيطة وسهلة الاستخدام تقع على عاتق القطاع الخاص لكن الاعلام بعيد عنها”، مشيراً الى “عدم وجود جدوى اقتصادية لمعامل الطماطم لان المعجون يدخل من الدول المجاورة بأبخس الاثمان ما ادى الى توقف هذه المعامل”.وشدد على ان “القطاع الخاص يحتاج الى اعادة هذه الصناعات واعادتها الى سابق عهدها لكنه يحتاج الى عدة عوامل ابرزها اغلاق الحدود وتخفيض اسعار الوقود والكهرباء للمعامل ودعم هذه المصانع من قبل الحكومة”.وبين ان “وزارة الصناعة تمتك 280 معملاً من الشمال الى الجنوب منها 80 معملاً متوقفاً و200 مازالت تعمل”، مؤكداً ان “توقف 80 معملاً جاء بسبب قدمها والحروب والنهب الذي مر بالبلد”.ورغم ان الصناعة ترى بأن القطاع الخاص عليه ان يكون فاعلاً في هذه المسألة، فضلاً عن تأكيدها ان قلة التمويل وقدم المصانع سبباً رئيسياً في توقفها الا ان الزراعة النيابية كان لها رأي آخر، حيث اشارت الى أيادٍ خفية تعمل منذ 2003 الى اليوم لضرب الصناعة والزراعة والصناعة التحويلية الرابطة بين الزراعة والصناعة.حيث بين عضو اللجنة علي البديري ان “هذه الايادي خلفها اجندات داخلية وخارجية الهدف الاساسي منها الربح الشخصي وكثير من التجار لديهم علاقات وثيقة مع شخصيات سياسية ومتنفذة في الحكومة”.واضاف: “خاطبنا في الدورة السابقة وبهذه الدورة وطالبنا بتفعيل الصناعة التحويلية لانه اذا تحققت الصناعة التحويلة ستنجح الزراعة والصناعة ونحقق الاكتفاء الذاتي والمحافظة على المنتج وتشغيل الالاف من العاطلين عن العمل وكانت المخاطبات على اعلى المستويات ولم ولن نحصل على اي اجابة بل العكس نلاحظ هناك فتح باستمرار للمنافذ الحدودية في موسم المحصول”.وتابع: “مثلاً اذا كان هناك موسم للطماطم تبقى الحدود مفتوحة ويدخل المنتج الاجنبي ويضرب المنتج المحلي وهذا عمل ممنهج لضرب المنتج المحلي حيث الفلاح لم يعد قادراً على الحصول على اجرة نقل المحصول”.وبين انه “من الاستحالة انتاج صناعة تحويلية في العراق لانه يحارب من كل الجهات، حكومية وغيرها لان هناك احزاب تعتمد بشكل كبير على الشركات التي تقوم على الاستيراد، وهناك شروط خفية من جهات متنفذة على اي حكومة لا تسمح بانشاء اي مصنع في العراق”.وفي العودة لذكريات الماضي، سألنا أم أحمد وهي إمرأة كبيرة في السن، عن تلك الايام التي كانت بها أمهاتنا تصنع المعجون والدبس والراشي وغيرها من المنتجات في المنازل وبأبسط المواد حيث قالت، إن “هذه المواد متوفرة اليوم بكثرة في السوق وبأسعار رخيصة ولكنها فقدت النكهة التي كانت موجودة في ما نصنعه بالبيت لاعتنائنا به ولعدم وجود مواد حافظة”.وكأن أم احمد تشير الى ان ما يصنع في البلد تكون نكهته خاصة نظراً لجودة ثمار العراق التي طالما ميزها الخالق عن غيرها، وكأني أرى أم أحمد ببساطتها تستحق ان تكون على طاولة نقاشات الدولة التي طالما عقدت اجتماعات لإعادة الصناعة المحلية ولكن دون جدوى. وبين عجز الصناعة، واتهامات الزراعة النيابية، ورأي أم احمد يبقى المواطن طامحاً لوجود منتج محلي يستند عليه ساعياً لرؤية بلاده تحقق الاكتفاء الذاتي على الاقل بإحتياجات المائدة وغير مبالي بترنح أسعار النفط وانعكاسها على الاقتصاد العام للبلاد.