الطرق المقطوعة
فاتح عبدالسلام
قطع طريق كركوك أربيل قبل يومين، ليس سابقة من نوعها في البلد، فقد سبق ذلك عمليات قطع طرق خارجية في الموصل تؤدي نحو دهوك وأربيل قبل سنوات قليلة، وكذلك قطع بعض الطرق في الجنوب عند حدوث أزمات ذات طابع سياسي.هناك خراب سياسي، والسبب عدم وجود قواعد راسخة من دعائم الحكم الوطني المتكامل خارج مفهوم العملية السياسية القائمة على تفاهمات وتوافقات ومصالح، مصممة لعبور بعض المضائق عند تشكيل حكومة او إقرار موازنة مالية
. وسوى ذلك لا يوجد عنوان وطني كبير لجميع المتناحرين سياسيا. قطع الطرق الخارجية بين المدن او تهديد سلامة المدنيين المتنقلين على الطرقات، هو من أكثر الممارسات التي تهدد السلم المجتمعي وتشجع ضعاف النفوس لارتكاب ما هو أكثر من ذلك من ترويع لأمن الناس وتهديد لمصالحهم المعيشية اليومية. القوات الأمنية لها دور أساس في موضوع غلق الطرقات، فهي الجهة الوحيدة القادرة بحكم إمكاناتها على منع غلق أي طرق امام الناس مهما كانت الخلافات السياسية كبيرة.
المسألة لن تقف عن كركوك، ذلك انّ هناك انتشاراً واسعاً للسلاح العلني والمضمر في بلدات وارياف ومدن متعددة في العراق فضلا عن العاصمة، وهناك علائق كثيرة على صلة بحاملي السلاح وكدلك توجد تداخلات قد تنفجر في أي وقت ولأسباب مختلفة.يمكن ان ننظر بقلق الى أي احتكاكات بين مجاميع من المواطنين او المتظاهرين لأسباب معيشية او سياسية، وسبب القلق هو وجود تعددية بالمرجعيات السياسية وجهات ذات النفوذ المسلح، ترى ذاتها أكبر من أي عنوان وطني جامع في البلد، وتتصرف على هذا الأساس، في الأقل قبل ان تتحول القضية الى الاعلام والرأي العام والموقف الرسمي.
لا أعتقد انّ هناك حلولاً ناجعة ونهائية لتفادي هذا الوضع المقلق والمتكرر في العراق، مادام انّ اقطاب العملية السياسية محتمون بالمواضعات والتوافقات التي اخترعوها لأنفسهم، ويرون فيها من الناحية العملية أمراً أكبر من الدستور.