مقالات

الطرف الثالث.. من هو ؟

ادهم ابراهيم

رفي القانون هناك طرفين في الدعوى المقامة، المدعي والمُدَّعًى عليه . وكذلك في العقود . وهناك طرف ثالث اذا وجدت حاجة او مصلحة في دخوله . ولكل طرف من هذه الاطراف حقوق والتزامات ، وعند اخلال اي طرف بالتزاماته فعليه عقوبات او اجراءات معينة منصوص عليها بالقانون او بالعقد .وفي المجتمع هناك طرف ثالث يصلح بين الطرفين المتنازعين بالخير.اما بالسياسة فهناك طرف ثالث يكون غامضا ، ويذكر للدلالة على العمل السئ الذي تقوم به جهة مجهولة الهوية .وفي العراق شاع اسم الطرف الثالث في انتفاضة تشرين2019 . لالقاء اللوم عليه في قتل المتظاهرين والناشطين ضد الفساد السياسي والاداري والعمالة للاجنبي .وكانت حكومة عادل عبد المهدي سيئة السيط وابواقها المأجورة ، ومن وراءها الميليشيات الولائية تبرر غدرها بابناء الشعب بالقاء التهم على طرف مجهول سمته الطرف الثالث ، للتخلص من المسؤولية القانونية والجنائية في استخدام العنف المفرط لقمع المظاهرات واغتيال الناشطين .ثم اصبح الطرف الثالث يستهدف القوى الأمنية تارة ، والمتظاهرين تارة اخرى .وكلما أُرِيد نكران اي عمل سئ او شنيع ذكر الطرف الثالث فاصبح شماعة جاهزة في كل وقت للتملص من المسؤولية .وهكذا اصبحت الحكومة ومن وراءها الاحزاب الحاكمة غير قادرة على الاستغناء عن نظرية الطرف الثالث ، حتى صار جزء من هويتها .وهذا ماشاهدناه ايضا في ادعاءات تزوير الانتخابات الاخيرة ، فهناك طرف ثالث تسبب في خسارتهم الفادحة بالانتخابات !وفي محاولة اغتيال السيد مصطفى الكاظمي رئيس الوزراء العراقي باطلاق اربعة صواريخ على داره . تنصلت الميليشيات الولائية من مسؤوليتها عنه، رغم تهديداتها السابقة له ، فتم القاء اللوم والمسؤولية على الطرف الثالث !وهكذا فعند كل وضع حرج للميليشيات ، يظهر لنا الطرف الثالث لتحميله المسؤولية .حتى اصبح الطرف الثالث شبحا يهدد الوضع السياسي والاجتماعي في العراق . فكل المهمات والاعمال القذرة للميليشيات تعزى الى الطرف الثالث . ابتداء” من قتل وخطف المتظاهرين والنشطاء السياسيين ، وليس انتهاء” بالتآمر على رموز الدولة بوضح النهار .ان تحميل الطرف الثالث المجهول للمسؤولية مرارا وتكرارا للتخلص من التبعات القانونية يؤكد مدى الانحطاط والتعامل اللااخلاقي واللاانساني من قبل الميليشيات المنفلتة التي تصول وتجول تحت مسميات وطنية او مقدسات دينية . ويظهر مدى هزال الدولة وضعف الامن العام وسلطة القانون .وممازاد الطين بلة الفساد السياسي والاداري وانتشار الرشوة والمحسوبية والتهديد بالسلاح . اضافة الى فسح المجال للتدخلات الدولية والاقليمية في الشأن العراقي .كل هذه المعطيات والكوارث سببها الرئيس تعدد مراكز القوى وميليشياتها ، وماينتج عنها من تعدد مصادر القرار ، الذي ادى الى فقدان هيبة الدولة .ان عدم احتكار الدولة للقوة المسلحة (على وفق العالم الاجتماعي ماكس فيبر) ، قد تسبب في التطاول عليها من قبل جهات تحمي نفسها بقوة السلاح ، وتحميل الطرف الثالث للمسؤولية عن كل الاعمال العدائية والمنافية للقانون ولحقوق الانسان . ان شبح الطرف الثالث سيظل يلاحق مؤسسات المجتمع المدني والنشطاء ، طالما هنالك ميليشيات وسلاح منفلت خارج اطار الدولة ، مع غياب سيادة القانون والافلات من العقاب .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى