الطارمية .. بين مطرقة الارهاب وسندان العسكرة
يعد قضاء الطارمية في العراق، أحد أهم المناطق الاستراتيجية فيما يعرف بـ”حزام بغداد”، ويربط بين معظم المحافظات، الأمر الذي جعله مستهدفا من جانب التنظيمات الإرهابية وأيضا من قبل الميلشيات وبعض الجهات الحكومية.
ما هي أهمية الطارمية ولماذا يستهدفها الجميع؟
بداية، يقول مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، والسفير السابق، الدكتور غازي السكوتي، إن “قضاء الطارمية منطقة مهمة جدا ضمن ما يسمى حزام بغداد، وهي تفصل بين مدينة الكاظمية إحدى المدن المقدسة بالنسبة للشيعة، وأيضا تفصل بين ديالى وتكريت وسامراء، لذا تعد تلك المنطقة استراتيجية وهامة”.
وأضاف، أن هذه المنطقة تعرضت منذ العام 2003 إلى هجمات من قبل الجيش الأمريكي، الأمر الذي أوجد نوع من الاستفزاز لدى كل الطوائف المجتمعية والقبلية في المنطقة، وهو تكرار للاستفزازات التي قام بها الأمريكان في مدينة الفلوجة، وبفعل طبيعة قضاء الطارمية الإجتماعي وموقعه الاستراتيجي أصبحت اليوم هدفا من أهداف تنظيم داعش “المحظور في روسيا”، ففي العام 2014 بعدما تمركزت داعش في الموصل، كان التنظيم يستهدف حزام بغداد من أجل دخول العاصمة العراقية.
وأكد مدير المركز العراقي، أنه على ما يبدو أن هناك استفزازات في الوقت الحالي، حيث ظهرت تصريحات من قيادات وميليشيات وكتائب مسلحة ولائية “أقرب إلى الاستراتيجية الإيرانية”، بأنها سوف تحول الطارمية على غرار ما حدث في منطقة جرف الصخر، بإجراء تغييرات ديمغرافية وتغيير طبيعة السكان وتحويلها إلى منطقة عسكرية، بعد تهجير السكان من بيوتهم ومزارعهم، وبكل تأكيد تلك النشاطات وطبيعتها تستفز السكان، الأمر الذي يشجع التنظيمات الإرهابية على إيجاد مبررات أو ذرائع لمواجهة الكتائب التي تستهدف أمن الطارمية أو المنطقة.
الحل العسكري
وشدد غازي السكوتي، على ضرورة البعد عن الحل العسكري في أزمة الطارمية، فهناك مشكلات اقتصادية إلى جانب المشكلات الاجتماعية، لذلك يجب عدم استفزاز الناس وثقافتهم، مع عدم توجيه التهم الجماعية لأهالي الطارمية، كما حدث من إحدى نائبات البرلمان العراقي تعليقا على احتلال داعش للموصل بقولها “أهل الموصل كلهم دواعش”، فهذا شيء غير حقيقي ولا يمكن إطلاق التهم الجماعية على ملايين البشر، في الوقت الذي عانى شعب الموصل من الإهمال الحكومي وهروب 5 فرق عسكرية من أمام التنظيم، ما سهَّل عملية السيطرة على المدينة من قبل التنظيم.
وأشار السكوتي إلى أن السياسات الخاطئة التي تقوم بها الحكومات المتعاقبة في البلاد، تم ملاحظتها منذ العام 2003 لدى بعض التيارات المتطرفة الطائفية تجاه المدن ذات الغالبية السنية، هذا الأمر أنشىء نوع من التمييز المذهبي الطائفي العنصري تجاه هذه المناطق، كما أن العنف الذي يمارس تجاه تلك المناطق، بكل تأكيد سوف يولد عنف مضاد، وهو أمر خطير، لذا يجب أن تكون هناك حلول اقتصادية واجتماعية وسياسية عقلانية لتلك المشكلات عبر الحوار، لكي نواجه الظاهرة الإرهابية بدون تمييز.
ونفى مدير المركز العراقي أن يكون هناك ترابط منطقي بين القرار الأمريكي بالانسحاب وتلك الأحداث في الطارمية، حيث شهدت المدينة اضطرابات وأعمال عنف متكررة منذ سنوات، والمجموعات الإرهابية موجودة في صحراء عدد من المحافظات بصور متعددة.
ذرائع مكشوفة
من جانبها، قالت عضو اللجنة العليا للميثاق الوطني العراقي، فاطمة العاني، إن قضاء الطارمية مستهدف منذ فترة طويلة، ويتم استخدام ذريعة الإرهاب في كل مرة يتم فيها مهاجمة هذه المنطقة، حيث تتخذ الحكومة والمليشيات ذرائع الخلايا النائمة لتنظيم “داعش” من أجل تنفيذ عمليات بعينها.
وأشارت في حديثها، أن قضاء الطارمية حتى في المناسبات الدينية يتم حصاره بحجة حماية ممارسة الشعائر في المناطق المجاورة له مثل الكاظمية، وعلى كل حال فإن الطارمية هى أحد مناطق حزام بغداد المستهدف بعمليات التغيير الديمغرافي الممنهجة على غرار جرف الصخر والمدائن وأبو غريب واليوسفية وغيرها من المناطق التي تحيط بالعاصمة، بغداد.
مناطق استراتيجية
وتابعت العاني، أن هذه المناطق المستهدفة هي مناطق استراتيجية ومعروفة بربطها بين معظم محافظات العراق، كما أنها تتمتع بموارد كبيرة يمكن تحصيلها من جانب الجهات التي تسيطر عليها، لذا تحاول المليشيات والجهات الحكومية القيام بعملية تهجير منظمة بمختلف الأساليب من بينها الترغيب والترهيب.
أعلن رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، أمس الاثنين، إطلاق عملية أمنية للقضاء على خلايا تنظيم “داعش” الإرهابي في منطقة الطارمية شمالي العاصمة بغداد.
وقال الكاظمي، خلال زيارته قيادة العمليات العسكرية في الطارمية، إن “مكافحة الإرهاب مسؤولية جماعية يجب أن يشارك فيها الجميع، والقضاء على الإرهاب، وتجفيف منابعه يحتاج إلى عزيمة وقوة منكم، وأيضا من خلال التعاون بين الدولة والمواطن”، مشددا على أنه “علينا إعادة الخطط الأمنية الموضوعة لمواجهة الخلايا النائمة، ومنع تكرار أي خروقات، وسيتم حشد قوات إضافية”.
وأضاف: “أدعو أهالي الطارمية الكرام، ومن خلالكم، للاستمرار في التعاون والإبلاغ عن أي حالة تحرك مشبوهة في المنطقة، لمواجهة عصابات داعش الإرهابية”، داعيا الأهالي إلى “تشكيل مجلس من وجهاء المنطقة للتعاطي والتواصل مع القوى الأمنية في مختلف المستويات”.
عملية أمنية
وقال رئيس الوزراء العراقي، إنه من هنا أعلن انطلاق عملية أمنية، بالتعاون مع أهالي قضاء الطارمية، للقضاء على الخلايا النائمة في المنطقة”، مؤكداً أنه على الجميع “الانتباه الى الأصوات المتطرفة، التي تبحث عن فرص لخلق شرخ اجتماعي بين العراقيين وخلق فتن طائفية، هذه الأصوات مرفوضة من قبل الجميع، فقد أثبت العراقيون بأنهم لم ينجروا، ولن ينجروا وراء هكذا خطابات مغرضة”.
وكان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، وصل أمس الاثنين، إلى قضاء الطارمية، حيث عقد اجتماعا مع القيادات الأمنية. ونقلت الوكالة الرسمية، عن المكتب الإعلامي للكاظمي بيانا، جاء فيه أن “الكاظمي وصل إلى قضاء الطارمية وزار مقر قيادة العمليات، وعقد اجتماعًا مع القيادات الأمنية بمختلف تشكيلاتها”.
المصدر: سبوتنيك