الصورة التي لم تقتل ليلى العطار
هادي جلو مرعي
محسن وكريم، ولانعلم أين هما الآن، وماذا حل بهما، وهما من مواليد 1945 وكانا يعملان في القصور الرئاسية التي كان صدام يسميها قصور الشعب، وكان هما السبب في إطلاق هذه التسمية، وكان هناك من الحرفيين الذين تنتهي مدة عملهم في القصور فيتم تسريحهم شرط أن يدربوا من يليهم في المهنة، وكان صدام حسين زار واحدا من تلك القصور، وكان العاملون يهتفون (بالروح بالدم نفديك ياصدام) ونادى أحدهم: سيدي دخيل الله ودخيلك، فرد صدام: نعم. قال: سيدي (ليش ماتسرحونه من الخدمة، وربعنا تسرحوا وهسع ببيوتهم) فغضب صدام منه، وقال له: هذه ليست قصوري، بل هي قصور الشعب، وأنت تعمل في قصور الشعب، وأمر بمعاقبة الجميع بأن يظلوا في العمل لفترة لاحقة.مرت الأيام والأسابيع، ونقل الشقيقان الى قصر آخر شمال بغداد وبقيا لفترة طويلة، وكانا يعملان بإجتهاد على المرمر، وعملا عملا جميلا مذهلا، وفيه إيحاءات، وأبيات من الشعر أذهلت صدام، وسأل عن الذين أبدعوا تلك اللوحة الباهرة؟ فأستدعي الشقيقان، وتحدثا بمظلوميتهما، وأمر بتسريح الجميع شرط أن يعودوا لتدريب آخرين في أوقات تالية.كان من أعمال الشقيقين الصورة التي تمثل وجه الرئيس الأمريكي جورج بوش الذي كان قاد تحالفا دوليا ضد العراق عام 1991 ونقشاها على حجر المرمر، ووضعت اللوحة في مدخل فندق الرشيد الشهير، وكان الداخل والخارج من الفندق يمر عليها، ولم يكن هناك من مشكلة، لكن ربطا غريبا حصل بين القصف الذي طال بغداد في عهد الرئيس بيل كلنتون تسعينيات القرن الماضي، ومقتل الرسامة ليلى العطار التي قتلت بفعل إرتدادات القصف، وقيل في حينه: أن الصواريخ الأمريكية طالت العطار في غرفة نومها إنتقاما منها لإهانتها للرئيس الأمريكي، وهو مانفاه عاملون في القصور الرئاسية، ومن كان برفقة الشقيقين محسن وكريم.