الشرق الاوسط والعهد الجديد!
محمد جعفر الحسن
تغييرات عديدة حدثت في العالم خلال السنة الأخيرة، وهي مؤسسة على أرضية من الأحداث الكبيرة والمتراكمة. اهم ما جرى هو تغيير ادارة البيت الأبيض، عبر اختيار بايدن على حساب ترمب، وهذا يعني ان الاخير رفض من قبل غالبية امريكية، والرفض لسياساته هو السبب.وهنا صار أمامنا واقع واضح، خسارة ترمب الضاغط على إيران وفوز بايدن الديمقراطي، الساعي لإحياء الاتفاق النووي وإضعاف المملكة السعودية.فوز رئيسي.. تفاوضات الصقور!في المقابل جائت رياح الانتخابات الإيرانية، كما تشتهيه سفينة الثورة. رئيسي المعمم والمجتهد الذي ينتمي إلى المؤسسة الدينية، سيكون اكثر التصاقا او تمثلا لتوجهات المرشد وافكاره على مختلف الاصعدة. وبالتالي، فالمفاوضات النووية، ستكون وفق الشروط الإيرانية، وهذا ما سيتيح لإيران زخما كبيرا نجده يتجسد في غرف (كلوب هاوس) التب تديرها المملكة العربية السعودية. وهذا لا يعني بالضرورة رغبة سعودية في استمرار العداء مع إيران؛ إنما محاولة لكسب الرأي العام على اعتباره نقطة قوة يمكن ان تعوض ما خسرته السعودية بعد خسارة ترمب، وفوز بايدن.الديمقراطيون يبحثون عن حل لأزمة الشرق الأوسط لسببين أساسيين؛ الأول انهم يخشون من الانشغال اكثر في هذه المنطقة بينما تتمدد الصين اقتصاديا وروسيا عسكريا، والثاني انهم – اي الحزب الديمقراطي- له موقف مناهض للملكة السعودية بحكم نظامها الملكي وتهميش الحريات فيها. وهذا ما ستلعب عليه إدارة رئيسي. قرب الرئيس الجديد من مرشد الثورة، يعني أنّ الإيرانيين سوف يخوضون آخر تفاوضاتهم النووية الجدية، وبايدن يدرك ذلك.عهد المنطقة الجديد..!من ذلك المنطلق، بدأ عهدا جديدا في المنطقة، وربما قرار سحب منظومة (باتريوت) مقدمة امريكية لإثبات حسن النية تجاه المفاوضات النووية. وامريكا لا تفرط بحليف لها كالسعودية، ولا تعطيه مطلق الحرية، لذا فقد شهد العراق ولأول مرة، لقاءات (ايرانية – سعودية) سرية.ولهذه اللقاءات السرية تفسير وحيد، لا سيما إذا عرفنا ان إيران كانت تعبر دوما عن رغبتها في الحوار مع السعودية، وهنا يبدو واضحا أنّ المملكة استجابت للمستجدات الأمريكية وبالتالي قررت فتح قنوات اتصال مع طهران لحل الملفات العالقة في المنطقة.وحل اليمن.. شمس الصلح!وقد تكون بغداد راعية لجولات الحوار الإيراني – السعودي، لكن المؤشرات الأولية سوف تبدأ من اليمن. وربما ستشهد الاشهر او الايام المقبلة حديثا مكثفا عن هدنة او مبادرة تنهي أزمة اليمن وحربها. والملف اليمني يشكل التقاءً لمصالح إيران وامريكا، فطهران تدعم حليفها اليمني، بينما تدين واشنطن الحملات العسكرية السعودية ضد اليمن على وتعدها جرائم ضد الإنسانية.القوة الذاتية والقوة المكتسبة!قوة المملكة العربية السعودية، بحكم المجتمع والتاريخ، تعد قوة مكتسبة من الداعم او الراعي او الحليف الأمريكي، وهو اليوم يضيق بتلك القوة الموهوبة للمملكة، بينما تعد قوة إيران قوة ذاتية عملت على ترسيخها طيلة عقود الثورة الأربعة. ونتيجة للانشغال الأمريكي بقضية الصين الصاعدة وروسيا الواعدة، فالبيت الأبيض يحاول بشتى الوسائل حل أزمة الشرق الأوسط تفاوضيا وبعيدا عن الاقتتال، بغية التفرغ لقضايا اكبر، سيما ان رفع العقوبات عن إيران لا تضر الامريكان كثيرا، اذا ما قورن الأمر بالصعود الاقتصادي الصيني.فرصة سلام..في أجواء ملبدة وحرب باردة عاشتها المنطقة، ثمة فرصة مواتية للسلام. وقد بانت بعض بوادرها فعلا، وقد يلعب العراق دورا في ترسيخ تلك الفرصة، لا سيما أنّ شعوب المنطقة تشتاق لمثل ذلك السلام وتتوق للخروج من الازمات واطفاء الحرائق بعد أن جربت كافة التخندقات، ولم تثمر شيئا!