السفير العراقي في هلسنكي: (صهر صدام) حاول خداعنا.. وصفقة “الإعادة القسرية” للاجئين تثير جدلا رسميا في فنلندا
السفير العراقي في هلسنكي: (صهر صدام) حاول خداعنا.. وصفقة “الإعادة القسرية” للاجئين تثير جدلا رسميا في فنلندا
هلسنكي – جمال الخرسان
في أول رد فعل رسمي عراقي على التحقيق الاستقصائي الذي نشرته صحيفة هلسنكي الفنلندية يوم الأربعاء الماضي، وترجمته “العالم الجديد”، بشأن الإعادة القسرية لطالبي اللجوء العراقيين المرفوضين، أقر سفير بغداد بتعرض حكومتها لمحاولة خداع من قبل الوسيط سعد العبيدي (صهر لصدام حسين)، في الصفقة التي سعى لصياغتها سياسيون ورجال أعمال فنلنديون، في ظل ردود الأفعال الرسمية والاعلامية الواسعة بشأنها، وتزامنت مع إعادة أربعة لاجئين عراقيين مدانين بارتكاب جرائم العراق.
وقال السفير العراقي في هلسنكي مثيل السبتي في حوار مع صحيفة هلسنكي صانومات الفنلندية، نشر يوم أمس السبت، إن “سعد العبيدي حاول خداع الحكومة الفنلندية بتلك الصفقة ليحصل هو على الأموال”، مؤكدا أن “العراق يرفض العودة القسرية للاجئين”.
وأضاف السبتي في تصريح للصحيفة الأكثر انتشارا في فنلندا، أن “طالبي اللجوء غاضبون من الحكومة العراقية، ولا يريدون العودة للبلاد، بل إن بعضهم تظاهر من أجل ذلك”، لافتا “لو شاهدوني بقربهم لرموني ربما بالمقذوفات”.
وتتابع الصحيفة التي كشفت عن الصفقة في تحقيق استقصائي نشرت “العالم الجديد” ترجمته في وقت سابق، أن “رجل الاعمال الفنلندي بيتر فريكمان استضاف في بيته الواقع بمنطقة كلو ساري وسط العاصمة هلسنكي (وهي ذات المنطقة التي يقع فيها مبنى السفارة العراقية)، مسؤول مكتب الهجرة الفنلندي، وكذلك مسؤولا كبيرا في وزارة الدفاع الفنلندية بهدف انجاز الصفقة (التي اقترحها العبيدي)”.
وكانت “العالم الجديد” قد نشرت ترجمة التحقيق الاستقصائي الذي بثته صحيفة هلسنكي أكبر صحف فنلندا، حول صفقة “العودة القسرية للاجئين مع العراق” التي مهد لها رجل أعمال فنلندي بمساعدة ضابط عراقي سابق يدعي تبوأه منصب مستشار في رئاسة الوزراء وهو سعد العبيدي المتزوج من بنت أخت صدام حسين، والذي خرج من العراق عام 2003 الى الأردن، ومنها الى المانيا، ليستقر بعد ذلك في فنلندا مع عائلته وأبنائه السبعة، إذ قام بالتنسيق مع رجل الأعمال الفنلندي بيتر فريكمان المثير للجدل، والذي ارتبط اسمه بمخالفات قانونية سابقا من أجل تسويق مقترح الصفقة المذكورة.
يذكر أن مقترح العبيدي كان يقضي بقيام شركة أمنية سويدية تدعى “Defense Equipment Sweden” بتقديم خدمات أمنية للعراق، في مقابل أن تدفع الحكومة الفنلندية لها 100 مليون يورو، من أجل إقناع الجانب العراقي بقبول تلك الصفقة.
البرلمان الفنلندي من جهته، تابع هذا الملف من خلال استضافة وزيري الداخلية والخارجية، يوم الخميس الماضي (عقب انتشار التحقيق بيوم واحد فقط)، وتمت مساءلتهما من قبل النائب في البرلمان الفنلندي ميكا راتيكاينن والذي يشغل عضوية لجنة الأمن والدفاع واللجنة القانونية، وسبق له أن عمل مدربا للشرطة العراقية في الأردن لمدة عامين ونصف.
وردا على استفسار النائب المذكور أجاب وزير الخارجية تيمو سويني، بحسب الصحيفة “نعم كانت تلك المحاولة خاصة جدا، كنا نبحث عن حلول وخيارات مختلفة، لقد وصلنا المقترح، لكننا تركنا القرار لوزارة الداخلية”، منوها “إننا نحاول بكل الأشكال عقد تفاهم مع العراق من أجل إعادة طالبي اللجوء المرفوضين”.
وأشار وزير الخارجية الفنلندي “إن لم يكن هناك تفاهم مع العراق فلن تحل المشكلة أصلا”، مبينا أن “السويد ورغم عقدها اتفاقية للاعادة القسرية مع العراق، إلا أنها تعاني من مشكلة في إعادة المرفوضين”.
أما وزير الداخلية الفنلندي كاي ميكانين، فقد أجاب على التساؤل بالقول “كنا نبحث عن أية محاولة لمعالجة وضع طالبي اللجوء، وكان لابد من الاستماع لكل المقترحات”، منبها بالقول “لقد تعاملنا مع المقترح المقدم كخيار إضافي قد يساهم بحل الإشكالية.. نعم التعامل المباشر مع الحكومة العراقية هو الخيار المفضل بالنسبة لنا”.
على صعيد متصل، برر رجل الاعمال الفنلندي بيتر فريكمان، في حديث لصحيفة “التا صانومات” الفنلندية، حول ما نشرته “هلسنكي” بشأن الصفقة بالقول، إن “أي مواطن فنلندي يحرص على أمن وسلامة بلاده، لابد ان يتحرك لعمل شيء من أجل إعادة طالبي اللجوء الذين قد يشكلون تهديدا على سلامة فنلندا، وهذا ما قمت به”.
من جهتها استعرضت صحيفة الاقتصاد الفنلندية في تقرير مفصل نشر الخميس الماضي، عن شركة “Defense Equipment Sweden” السويدية التي تمثل أحد أركان الصفقة، حيث كان يفترض أن تصدر للعراق مستلزمات أمنية بقيمة 100 مليون يورو تقوم الحكومة الفنلندية بتسديد مستحقاتها المالية للشركة السويدية من أجل تشجيع العراق على قبول طالبي اللجوء الذين يتم ارجاعهم بالقوة”.
واستنادا إلى معلومات السجل التجاري، أشارت صحيفة الاقتصاد الى أن الشركة السويدية تأسست في عام 1996 ويقع مقرها في مدينة Mariestad السويدية، مبينة ان “التبادل التجاري للشركة محدود جدا، وليس فيها موظفون، كما انها ليست ضمن لائحة اهم 100 شركة بالسويد تقدم الخدمات الأمنية، ناهيك عن أن الشركة خلال السنتين الماضيتين لم يتجاوز حجم التبادل التجاري فيها 200 الف يورو”.
وليس بعيدا عن هذا الشأن، ذكرت الشرطة الفنلندية يوم الخميس الماضي، أنها أعادت الى بغداد أربعة عراقيين مدانين بارتكاب جرائم في فنلندا، حيث أكدت أن عملية الإعادة سارت كما هو مخطط لها.