السحر والشعوذة يلقى رواجا في العاصمة .. ودجالون يبتزون النساء الكترونيا
.استمرت ظاهرة السحر والشعوذة في المجتمعات والحضارات القديمة وبقيت على مر العصور وهي من الظواهر التي انتشرت بكل المجتمعات بغض النظر عن المستوى الثقافي للشعوب.ولا يزال اصحاب هذه المهن يلقون استجابة في البلاد نتيجة قلة الوعي الثقافي، ويقول قاضي محكمة تحقيق مدينة الصدر حارث عبد الجليل إن “مجتمعنا العراقي ومن خلال عملنا في محاكم التحقيق لمختلف مناطق بغداد فقد وجدنا هذه الظاهرة تنمو في الأحياء الراقية والأحياء الشعبية على حد سواء مع الفارق من حيث انتشارها، فهي تنتشر في الأحياء الشعبية اكثر منها في الأحياء الراقية واغلب الدجالين من الرجال يتخذ مسمى الروحاني”.ويضيف عبد الجليل أن “اسبابا ثقافية وراء انتشارها وهي قلة الوعي ومنها اسباب مادية تدفع الجاني لامتهان مهنة السحر والشعوذة والدجل فضلا عن اسباب معنوية تتمثل بالحاجات والأمنيات الشخصية للضحية”.وأضاف عبد الجليل أن “وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في انتشارها بشكل واسع حيث اصبح من السهل على الدجالين عرض خدماتهم للناس عن طريق صفحات وحسابات على هذه المواقع والتي تكون غالبيتها بأسماء وهمية وكذلك اصبح من السهل على الضحية الوصول اليهم بل وصل الأمر الى أطلاق قنوات فضائية متخصصة بهذا المجال عن طريق ارقام هواتف والتي تعد هي الخطوة الأولى لاستدراج الضحية”.وأشار إلى أن ” الأسلوب الدارج لدى هؤلاء الدجالين هو الاتفاق على مبلغ معين مقابل حصول الضحية على مراده وعادة ما يكون دفع المبلغ على دفعتين الأولى عند الاتفاق والثانية بعد انجاز العمل وحصول المراد وفي حال لم تحصل الضحية على مرادها تكون الدفعة الأولى غير قابلة للرد بحجة انها كانت تكاليف لشراء مواد لإنجاز العمل وبالتالي فأن الضحية لا تستطيع المطالبة بالمبلغ المدفوع مقدماً بسبب الاتفاق على عدم ارجاعه أو بسبب خوفها من علم ذويها”، لافتا إلى أن الآونة الأخيرة لوحظ تطور هذه الظاهرة بواسطة طريقة ابتزاز الضحية مادياً والتي تصل جسدياً من خلال مقاطع فيديو تصور للضحية بأي شكل من الأشكال أو صور كانت الضحية قد ارسلتها للجاني بحجة حاجته لها لإكمال اعمال السحر و الشعوذة ففي هذه الحالة يقوم الجاني بالمطالبة بمبالغ نقدية او استغلال الضحية جسدياً مقابل عدم نشر الصور أو المقاطع على شبكة الانترنت وهذه الحالة عالجتها المادة ٤٥٢ من قانون العقوبات رقم ١١١ لسنة ١٩٦٩ المعدل وتعتبر هذه الجريمة جناية”.وتابع القاضي حارث عبد الجليل “هذه الجريمة اصبحت من الجرائم الاجتماعية الخطرة لما لها من عواقب كارثية في حال حاولت الضحية حل الموضوع بنفسها دون علم اي من ذويها خشية الفضيحة وبالتالي قد تجبر الضحية الحصول على مبالغ مالية بأي شكل من الأشكال لدفعها الى الجاني اما دوافع الناس للجوء الى مثل هؤلاء الدجالين فهي على الغالب مسائل شخصية كأن تكون الضحية فتاة و تأخرت بالزواج او مطلقة و ترغب بالعودة الى طليقها أو قد تكون الضحية شاب أو رجل ويرغب بالحصول على عمل أو يعتقد ان بإمكان هؤلاء الدجالين لديهم القدرة على جعل الضحية مقبول لدى الجميع و كلامه مسموع أو يطلب زيادة في رزقه و غير ذلك من الأمور”، موجها النصيحة لكل المواطنين عدم اللجوء الى مثل هؤلاء الدجالين والاعتماد على ارادة الله سبحانه و تعالى وفي حال تعرضهم الى مضايقات التوجه الى اقرب مركز للشرطة أو مكتب لمكافحة الإجرام ليأخذ القانون دوره وبالتالي الحد من هذه الظاهرة التي باتت تشكل خطرا مجتمعيا حقيقيا ومكافحتها تقع على عاتق الجميع”.فيما يقول قاضي محكمة تحقيق الرصافة احمد مكي إنه “في ظل غياب الوعي الديني والثقافي اخذت اعداد زبائن هؤلاء السحرة والمشعوذين في الازدياد”، لافتا إلى أن “الفئة الاكبر من مرتادي أماكن هؤلاء من النساء، فتارة ترغب المرأة في تحسين صورتها بعين زوجها وابعاده عن العلاقات الخارجية، وتارة اخرى تعتقد المرأة بانها واقعة تحت تأثير عمل السحر الذي تسبب في حدوث المشاكل بينها وبين زوجها، واحيانا تظن انها لن تحصل على الزوج المناسب الا بواسطة السحر او انها تحت تأثير عمل السحر مما تسبب في عدم زواجها، وهنا يأتي دور السحرة والمشعوذين في استغلال ما تصبو اليه النساء واقناعهن بانهن لن يصلن الى اهدافهن الا بهذه الاعمال”.وأضاف مكي أن “قلة من الضحايا يقومون بالابلاغ عن تلك الحالات تحت خشية الفضيحة او النتائج السلبية العائلية التي تتعرض لها الضحية بعد اكتشاف الامر من قبل عائلتها، الا أنه في حال ابلاغ الضحية يتم اتخاذ الاجراءات القانونية بحق المتهم وبشكل سريع وفوري وقد تم القاء القبض على عدد من المتهمين في القضايا المعروضة علينا واعترفوا بارتكابهم الجريمة وتم احالة قضاياهم الى المحكمة المختصة وصدرت احكام بحقهم، وقد اعتمدنا في الكثير من الحالات التي القي فيها القبض على المتهمين على تشكيل فريق عمل ونصب كمين للمتهم والقاء القبض عليه اثناء ارتكابه جريمته ( بالجرم المشهود)”.وأوضح “الدجالون يعتمدون في عملهم على كتاب ويتم اللجوء الى المخططات والرسومات للقيام بالسحر مستشهدا بحادثة لمتهمين اثنين يعملان في الدفاع المدني قاما بانشاء صفحة على موقع الفيس بوك ادعيا بانهما يعملان بالسحر ولديهم القدرة لحل المشاكل الزوجية وفك الاعمال”، مضيفا ” تواردت العديد من الطلبات على تلك الصفحة من قبل الاشخاص وكان جميعهم من النساء وكان اغلب الطلبات تتعلق بالقيام باعمال لحل المشاكل الزوجية”.ويذكر القاضي احمد مكي أن “المتهمين كانوا يطلبون من الضحية فتح الكاميرا والتعري بشكل كامل وكتابة بعض الكلمات والعبارات على مناطق حساسة من جسدها بعدما كانا يقومان بحفظ المحادثة وبعد ذلك اللجوء لتهديد الضحية بدفع مبالغ مالية او الانصياع الى رغبتهما في ممارسة الجنس معهما وبخلافه يقومان بنشر صور الضحية وهي عارية على مواقع التواصل الاجتماعي” ، ويبين أنه بعد ورود اخبار من قبل احد الضحايا صدر قرار من قبلنا بتشكيل فريق عمل ونصب كمين للمتهمين والقاء القبض عليهما بالجرم المشهود وتم ضبط بعض الرسومات والاوراق التي تحتوي على كتابات تتعلق باعمال الشعوذة بحيازة المتهمين والتي كانت تستخدم في خداع الضحايا”.فيما لفت القاضي احمد مكي إلى أن ” القانون العراقي لم يجرم اعمال السحر والشعوذة ولم يعاقب ممارسيها، الا ان الاجراءات القانونية تتخذ بحق المتهم في هذا النوع من الجرائم وفقا لاحكام المادة (٤٥٦) من قانون العقوبات العراقي.