السباق نحو البرلمان
حسين رشيد
مع اعلان انطلاق الحملة الدعائية الخاصة بالانتخابات المبكرة التي من المفترض أن تجرى في العاشر من شهر تشرين الثاني المقبل، حتى انطلق معها السباق نحو البرلمان بحجز اماكن الدعاية، اذ صحا سكان العاصمة بغداد وبعض مدن البلاد على لافتات كبيرة منتشرة فوق اسطح البنايات والتقاطعات ومداخل الاحياء السكنية، بشعارات عريضة براقة، بعضها معروف من خلال ما كُتب عليه، وآخر يحاول إيهام المواطن بأن هذه الجهة تختلف عن الجهات الأخرى الداخلة في السباق البرلماني، الذي نأمل أن يكون يتصف بالروح الرياضية العالية، بعيدا عن الشد والجذب الطائفي والمناطقي، مثلما نأمل أن تتم الانتخابات بكل هدوء وبشفافية عالية ومرونة في إعلان النتائج، وتتويج الفائزين في السباق.لكل دورة انتخابية سابقة شكل تنافسي، ففي الاولى عام 2006 كانت لإثبات القوة المذهبية، اذ تم سحب الجماهير الى منطقة تحكم العاطفة على حساب العقل، والرؤية نحو المستقبل الافضل، لم تك نسبة كبيرة من الجماهير تتوقع ان يحصل ما حصل بعد تلك الانتخابات، اربع سنوات كان الإرهاب والقتل والخطف يزهق أرواح الناس، والموت يدور على البيوت والأحياء، وثمة فئة اخرى سياسية تتحكم بالمال والإعلام تسوغ ما تريد وما تشاء، وإعلام عربي يزيد من النار بتصريحات مخيفة.كان الأمل معقودا على انتخابات 2010 خاصة بعد إعلان مشاركة من قاطع الانتخابات الاولى، وعول الناس على تغير منشود بتوفير الخدمات والأمن وفرص العمل وإعادة الحياة الى الصناعة الوطنية، لكن إنعطافة جديدة حصلت، أحزاب أنشقت، وكتل تشظت، والصراع الحزبي دخل منافساً للصراع المذهبي، جرت الانتخابات في أجواء مشحونة جدا، وتهديدات عدة، المشاركة كانت متأرجحة، وقانون الانتخابات المفصل على الكتل الكبيرة إلتهم أصوات الكتل الصغيرة، وعاودت ذات الأحزاب السيطرة على البرلمان، وتشكيل الحكومة لتحدث الإنعطافة الكبرى في البلاد بعد التغير النيساني عام 2003، إذ تدخل القضاء في فض الاشتباك الانتخابي وإعلان الفائز، أربع سنين جديدة ضاعت بها الأحلام، ارتفع معدل الفقر وزاد عدد الأثرياء، الفساد يصول ويجول في مؤسسات البلاد، التهميش، الإقصاء، الشد والجذب المناطقي والطائفي، والصراع الحزبي يشتد على الإستحواذ والنفوذ الاقتصادي في مشاريع الإستثمار، الذي تبين أن نسبة كبيرة منها كانت وهمية مجرد حبر على ورق.في نيسان 2014 جرت انتخابات ثالثة وهي الأولى بعد الخروج الأميركي من البلاد، وكالعادة تنوع شكل التنافس والخطاب السياسي، بين أقطاب العملية السياسية في البلاد، خاصة القوى الدينية المتمذهبة، بأحزابها وتيارتها في ما بينها من جهة، ووقوفها وتكاتفها ضد القوى الأخرى المدنية والعلمانية من جهة اخرى، التي تبحث عن موطئ قدم في البرلمان، رغم إنها كانت ممثلة في الدورات السابقة لكن بشكل نسبي أخذ بالتنازل تدريجيا مع كل طارئٍ وحدث يأخذ شكل الطائفة والمذهب، كان حجم ونوع الدعاية الانتخابية آنذاك كبيرا جدا ولافتا للنظر، وذلك لحجم الأموال التي خُصصت وصرفت على الترويج وشراء الأصوات بشتى الطرق، لكن بعد شهرين من اجراء الانتخابات وانتظار إعلان النتائج، حدثت الانعطافة الأخطر والأكبر، حيت إستولت عصابات داعش على عدد من مدن البلاد برمشة عين، بقي الوضع متأرجحا حتى تم الاتفاق على مرشح التسوية، كانت اربع سنين صعبة جدا على الجميع، لكن قبل إنتخابات عام 2018 تنفس الجميع الصعداء، في محاولة للخروج من الأزمة التي لم تكن رحومة بالبلاد أمنيا، اقتصاديا، سياسيا، إجتماعيا.جرت الانتخابات الرابعة في ظل وجود قوات اميركية تحت عنوان قوات التحالف الدولي لمحاربة داعش، الدعاية الانتخابية مختلفة عن سابقتها لم تخلُ من التسقيط والتشهير وكشف ملفات فساد وجرائم، هذه الانتخابات أوصلت قطبين جديدين إلى هرم السلطة، وتم الاتفاق ايضا على مرشح تسوية، كانت الأجواء مشحونة جدا، حتى بين المتحالفين، وبين قوى كل تحالف، اذ كان لكن طرف وجهة نظر تختلف على الاخر وتبتعد عنه، ولأن الضبابية وقتامة المشهد كانتا الأشد، اندلعت تظاهرات تشرين في محاولة للتصحيح والتعديل وإعادة البلاد إلى ما كان يأمل أن تكون عليها.الإنتخابات الخامسة في بداية صراع الدعاية، وقوات اميركية على وشك الانسحاب كما أُعلن ويعلن، تهديدات قائمة، مناورات عسكرية في محيط البلاد، عمليات عسكرية واستهداف في الخليج، بوادر تحشيدات عسكرية دولية، قوى سياسية تنسحب من الإنتخابات بشكلٍ مُبكر، أحزاب وتيارات جديدة انبثقت بشتى المسميات المدنية من أحزاب كبيرة ذات صبغة دينية، صراعات مؤجلة في طريقها إلى التاجيج لحصد الاصوات. الصراع المذهبي تحول إلى حزبي داخل كل مذهب، خارطة سياسية جديدة في لحظة انبثاق حرجة، ومتشنجة على شتى الصعد والاتجاهات، ودعاية انتخابية حذرة وترقب لكل الاطراف