الرواتب الفاحشة ليست وهمية
د. فاتح عبدالسلام
كان هناك في العراق في اولى أيام الاحتلال الأمريكي المنتج لأولى الحكومات المحلية، تشكيل يدعى الجمعية الوطنية باتت في طي النسيان ليس الان فقط، وانما منذ ولادتها، تسمية فارغة من معناها في وقت كان الحاكم الفعلي للعراق هو بول بريمر، وكل مَن حوله يتقافزون باحثين عن الغنيمة. أولئك أعضاء الجمعية وعددهم بالمئات، لا يزالون يتقاضون راتباً تقاعدياً خيالياً عن خدمة وهمية تافهة، انتهت منذ أكثر من خمس عشرة سنة، بالإضافة الى رواتبهم من وظائفهم العادية في الدولة. ومعظم أولئك يتقاضون رواتب تقاعدية من البرلمان او لا يزالون نواباً ولهم مداخيل برلمانية خاصة، وبعضهم يزيد فوق هذا وذاك راتباً آخر إذا كان سفيراً أو وزيراً أو ما شابه ذلك، ولا ننسى انَّ معظمهم، رجالا ونساءً، يستلمون رواتب الخدمة الجهادية، وما ادراكم ما تلك الخدمة لو تعلمون، ولا اريد الإشارة هنا الى رواتب خارجية تدفع بانتظام لعدد من الرؤوس. هذه الأموال لا تنفق في اية دولة متقدمة على أي مسؤول منتج مهما كان نبوغه، فعلامَ يتقاضى الملايين المكدسة أولئك الذين كان جُلّ انتاجهم تصدير الانقسامات والأزمات الداخلية الى الشعب. بلادنا منهكة موازنتها بهذا التبذير الذي يمكن ان ينفق على استقطاب كفاءات علمية في الخارج للعودة الى جامعات هزيلة أو مؤسسات صناعية خاوية من اجل منح فرصة انقاذ للبلاد. لا يجوز ان يتقاضى أي مسؤول أكثر من راتب يحدده القانون، والرواتب الأخرى ليست من استحقاقه وهي نوع من الأموال الحرام التي تسرق تحت شرعيات مزيفة في غفلة من الشعب المظلوم. الكلام في الإصلاح مضحكة وقشمرة اذا لم تصلحوا حالكم الذي تغرقون فيه .