الدولة ومواجهة العجز التنموي
علي حسن الفواز
التنمية كلمة كبيرة، وعامة، لكنها تملك رصيدا واسعا من التخصص والواقعية، لأنها ترتبط بحاجات الناس ومصالحهم، مثلما ترتبط بآفاق تطوير البنى الاجتماعية والخدماتية، وتقليل نسب المشكلات التي يعاني منها الواقع الاقتصادي الصناعي والتجاري والزراعي.
فضلا عن علاقته بشروط العمل ومعالجة مشكلات البطالة والعجز الاقتصادي، وما تمثله من اطار عملي لقياس مديات التقدم والبناء والعمران.تشوه التنمية في العراق بات مظهرا واضحا، وفاضحا.
فالكثير من المشاريع متلكئة، وربما مُعطّلة بقصدٍ او بدون قصد، فضلا عن شيوع العشوائية في مفاصل العمل المؤسسي، على مستوى الاستيراد، وضعف تشجيع الصناعات الوطنية، والاكتفاء الذاتي.
وعلى مستوى تكريس الريعية في واقعنا الاقتصادي/ النفطي، بما يعنيه ذلك من خلل في البحث عن مصادر اخرى لتعظيم الثروة الوطنية غير النفطية، ولتعطيل اي برنامج حقيقي للتنمية، مقابل ما يؤشره ذلك من زيادة في نسب العاطلين عن العمل بعد انهيار القطاع الخاص، والذي انعكس على اتساع مظاهر الاحتجاجات الاجتماعية، فضلا عن تسببه بالعجز التنموي في زيادة تغذية النزعات الاستهلاكية في مجتمع يحتاج الى الاستثمار، والى بنية تحتية اقتصادية فاعلة، تتعزز فيها مشاركة القطاع الخاص في مسارات التنمية، وفي التخطيط لسياسات وبرامج تحدّ من العشوائية من جانب، مقابل التخطيط الوطني لمأسسة العمل التنموي في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والثقافية من جانب آخر، لأن التنمية مفهوم شامل، وواسع، ويرتبط بجميع الفعاليات التي تدخل في مجالات العمران الاجتماعي والسكني والاقتصادي.إن مظاهر الفشل التنموي تتطلب شجاعة في رصدها، وفي مراجعة ملفاتها، وبالاتجاه الذي يجعل منها جزءا حقيقيا من ورقة الاصلاح التي طرحها السيد رئيس الوزراء، بوصفها رهانا وطنيا على بناء الدولة، وعلى مواجهة الازمات الكبرى، والتي لا يمكن فصلها عن ازمات التنمية، ولا عن حاجات الناس لكي يواجهوا مستقبلهم برؤى واضحة، بعيدا عن مخاوف العجز والضعف، وعدم قدرة الدولة على صرف رواتبهم، وتلبية حاجاتهم من الخدمات والاستحقاقات التي تخص الصحة والتعليم والامن الغذائي، ومن منطلق أكثر مهنية يربط مابين وعي الدولة لاهمية العمل التنموي، وبين التخطيط له عبر خطط سنوية، برامج عملية، وعبر اتفاقات واجراءات لازمة تتفاعل فيها الارادة الشعبية مع مؤسسات الدولة المسؤولة عن ادارة ملف التنمية.