( الخيانة العظمى ) وتعريف العدو !!
مازن صاحب
يتفق الفقه السياسي والقانون الدستوري على ان ثوابت اي دولة تتمثل فيما يذكر في دستورها النافذ بكونه العقد الاجتماعي الوضعي لسيادة الدولة وفق تعريف الأمم المتحدة لقبول الدول في عضويتها بوصفها كيان لشعب في أرض لها حدود سيادية ونظام سياسي يتعامل كشخصية مستقلة في تطبيق القانون الدولي .مثل هذه الثوابت تقابلها متغيرات الواقع الإقليمي والدولي وحالة الانسيابية في كون اي دولة اليوم تقع ضمن بوتقة التأثير المتبادل مما يتطلب ان تحدد السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية تعريفا واضحا للعدو الخارجي ..واعتبار التخابر معه أو العمل ضمن اجنداته نوعا من جريمة( الخيانة العظمى) .. السؤال: بعد عقدين على التغيير في عراق ما بعد ٢٠٠٣ هل أوجدت السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية مثل هذا التعريف والتطبيق لتجربم من يتعامل مع اجندات إقليمية او دولية تقع ضمن تعريف العدو؟؟ الاجابة الواقعية الواضحة ان مثل هذا التعريف غائبا عن عراق اليوم .. لماذا؟؟ لان وقائع احتلال العراق انتهت الى تسييب التعامل مع الاجندات الإقليمية والدولية وهذا مثار اهتمام اهداف الاحتلال الامريكي وشركاه اولا وتقع عليهم المسؤولية وفق القانون الدولي ومنه القانون الدولي الإنساني. عندما بدآ في اتفاق لندن بين احزاب المعارضة العراقية حينها مع زلماي خليل زادة ومن ثم في تشكيل مجلس الحكم وتداعيات الانغماس الامريكي في تعريفات متضادة منها ما يوصف أفعاله بكونها( مقاومة مشروعة) مقابل تعريف اخر يعتبرها إرهابية .. ولعل ابسط مثال على ذلك المادة ٤ ارهاب ذات الآفاق المتعددة..كل ذلك يواجه متغيرات ظرفية تجعل القاعدة القانونية العامة تحت موس حلاق الاتفاقات بين الفرقاء ..مثال ذلك اتهام سوريا بشار الأسد بكونها مصدر الإرهاب ضد العراق حتى وصل الامر الى اتهام علني من أعلى السلطات ..ليتحول الموضوع إلى تحالف نوعي بدلا من الاتهام بتصدير الإرهاب.!! المثال الثاني . . الاتفاق الإيراني السعودي وما فيه من تاثيرات على الخطاب السياسي والاعلامي لاحزاب سلاطين مفاسد المحاصصة… وما يتوقع من نتائج لقمة جدة العربية..يمكن ان يفتح ابواب النقاش على مصراعيه بين الجيوش الإلكترونية لمحاور المؤيدين والمعارضين ربما بتطبيق موضوع( التقية السياسية ) ففي الوقت الذي كانت هذه الجيوش تتفق على اتهام السعودية بشتى الاتهامات ..ربما اقول ربما ستبحث عن مخارج ألفاظ اعلامية مختلفة تتناسب مع روح اتفاق طهران والرياض. اكرر السؤال ..هل يمتلك اي جهاز أمني او قضائي عراقي تعريفه لل(( العدو الخارجي )) ؟؟ الجواب ..لا اعتقد بوجود مثل هذا التعريف فيما غادر القضاء في المحاكم تطبيق مواد الخيانة العظمى في قانون العقوبات العراقي ..كما لم يلحظ اي مراقب بروح موضوعية حيادية ان اي جهاز أمني عراقي يمتلك مثل هذا التعريف لتوجيه الاتهام لاي طرف يقول ان اي حرب تندلع بين العراق ودولة مجاورة سيقانل هذا الحزب وجناحه المسلح لصالح تلك الدولة وليس لصالح العراق !! وتطبيق ذلك في رفع صور الزعماء السياسيين لتلك الدولة في مقراتهم وخلال احتفالاتهم!! وسبق ان اشرت في اكثر من مقال اهمية تجريم احزاب الاسلام السياسي بمفهومي البيعة والتقليد التي لا تعترف بسيادة الدولة وتتعامل مع اجندات إقليمية خارج حدود العراق باعتباره دستوريا ..عراق واحد وطن الجميع. مثل هكذا تطبيقات لتحويل اجندات احزاب الاسلام السياسي الى سياسات عامة للدولة تتطلب إيجاد الحد الفاصل بين مشروعية سيادة الدولة مقابل الاجندات الحزبية والهويات الفرعية التي تقدمت وتجاوزت على هوية المواطنة الدستورية. يتضح ذلك كليا في التنابز الصارخ بالتحليل والاراء التي تطرح في البرامج الحوارية ومواقع التواصل الاجتماعي في تحليل مدخلات ومخرجات الإجابة على سؤال محدد من هو العدو للأمن الوطني العراقي وكيف يتوجب محاسبة القضاء لمن يتجاوز في التخابر مع هذا العدو ؟؟ هناك اكثر من اجابة اولها ان الاغلبية الصامتة الرافضة لنظام مفاسد المحاصصة عليها ان تباشر ثقافة التقاضي بتوصيف جرائم( الخيانة العظمى ) ..واستخدام ساحة القضاء لمحاسبة كل طرف حزبي يمتلك جماعات مسلحة تعلن ارتباطها بدول اقليمية او دولية .. كذلك اهمية التحشيد والمناصرة لاوسع قضايا قانونية يمكن ان تنظر امام القضاء العراقي المنصف والموضوعي لاعتبار جريمة هدر المال العام أو استخدام الجماعات المسلحة والمال السياسي جرائم خيانة عظمى ما دامت نتائج مثل هذه الجرائم تهدد أمن وسيادة عراق واحد وطن الجميع ..هل يمكن تنفيذ ذلك ؟؟ ربما نعم وربما لا .. نعم اذا تم توظيف مواد القانون الجزائي لضمان الامن الوطني وظهرت الجرأة عند منظومة المجتمع المدني ووسائل الاعلام المعبرة عن الاغلبية الصامتة..وايضا لا .. اذا لم تشهد ساحة القضاء مثل هكذا دعاوى كبرى في المستقبل القريب والبديل الثالث ان تتحشد الاغلبية الصامتة في تحالف عراقي يطرق ابواب مجلس النواب المقبل لتصحيح اخطاء التأسيس الدستوري والانتقال من نظام مفاسد المحاصصة الى نظام حكم رشيد ومواطنة فاعلة في دولة مدنية عصرية متجددة..ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!