الخلافات تقف عائقا أمام مشروع قانون العنف الأسري
تنامي ظاهرة العنف الأسري وغياب البعد المؤسسي في معالجتها، نقلت وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي شكاوى من “معنفين من الاطفال والنساء وكبار السن”، جعلت بعض الأصوات الداعية لحماية حقوق الإنسان والمنظمات المعنية بالأسرة والطفولة تصف الظاهرة بـ”التفشي”وأكدت حاجة المجتمع إلى قانون يعالج الظاهرة، وبينما رحبت أطراف سياسية ومجتمعية بالقانون المرسل من قبل مجلس الوزراء الى البرلمان، رأت أطراف أخرى أن صياغته غامضة وما ورد في بعض بنوده قد يضعنا أمام كارثة لأنه يستهدف “بنية ونسيج المجتمع العراقي اذا تم تمريره”.
ويرى المعترضون أن المادة ٧ من مشروع القانون لم تحصر إنشاء دور الايواء للمعنفات بالمؤسسات الحكومية، وسمحت للاشخاص بموافقة وزارة العمل ومجلس الوزراء بإنشاء هذه الدور!.
إلا أن مقرر لجنة المرأة والاسرة والطفولة النيابية، صفية شيخو، طمأنت، بحسب الصحيفة الرسمية، المعترضين بأن اللجنة ستأخذ بنظر الاعتبار جميع الملاحظات المقدمة على القانون كونه لا يخص اللجنة وانما يخص المجتمع العراقي جميعا، وقالت: ان “نسخة القانون المعدة من قبل رئاسة الجمهورية ستصل قريبا الى مجلس النواب وفيها استيعاب للكثير من ملاحظات الاطراف المعترضة عليه”.
مشروع القانون كما يرى المعترضون أن مشروع القانون لا يعالج الجرائم المتعلقة بقتل الزوجة او الاعتداء على الاطفال من قبل اولياء امورهم او منع المرأة من حقها الشرعي في الارث او غيرها، في حين يعاقب على جرائم اخرى.ونبه عضو لجنة القانون النيابية، حسين العقابي، على أن “القانون الجزائي يحدد كل جريمة بعقوبة فمثلا قتل الزوج زوجته عقوبتها الاعدام ومنع المرأة من اخذ حقوقها الشرعية له عقوبة حددها القانون ـ وهذا ما يفتقر له مشروع القانون ولتمريره يجب اعادة صياغته وفق مرتكزات البنية الاجتماعية القائمة على الصلح”.
ثغرات في بنود المشروع من المواد الأخرى التي تواجه الاعتراض هي المادة 11 من مشروع القانون وتنص على منع من يُخشى ارتكابه العنف الاسري من دخول دار السكن لمدة 48 ساعة قابلة للتجديد بشكوى من يطالب بالحماية.
وبشأن هذه المادة يرى الخبير القانوني علي التميمي، في حدبث أن من الممكن أن تترتب عليها جرائم حقيقية، وأكد “لا وجود لقانون يحكم على النوايا والظنون لان القانون يحكم على الركن المعنوي والمادي”.
وبينما جعلت المادة 12 أمر الحماية من العنف لمدة تصل إلى 180 يوما، تدخل خلالها الشرطة دار المشمول بالحماية، “دون مراعاة الأعراف والتقاليد الاجتماعية، فإن المادة 14 من المشروع أجازت لمدير دار الإيواء الاستعانة بالشيوخ والأقارب والوجهاء بالإضافة إلى وجود مختصين بعلم النفس والاجتماع لحل المشكلة.
يقول التميمي عن المادتين إنهما ستزيدان من حالات الطلاق وعقوق الوالدين والعنف الذي قد يصل إلى الجريمة، بينما ستمزق المادة 18 التي تنص على معاقبة المحجم عن الابلاغ بوقوع العنف الاسري بالحبس ثلاثة اشهر وغرامة قدرها مليونا دينار، “العلاقات الاجتماعية ففي مجتمعنا لا احد يبلغ عن جاره فالبيوت اسرار”.
جرائم أخرىو من المؤاخذات على مشروع القانون أنه لم ينص على جرائم نص عليها قانون العقوبات العراقي والمتعلقة بجريمة الضرب المفضي الى عاهة مستديمة أو الموت، بما يثير التساؤلات بشأن كيفية معالجتها في ظل عدم وجود نصوص قانونية لها؟.
وأشار عضو المفوضية العليا لحقوق الانسان الدكتور علي البياتي، في حديث، إلى أن اقرار القانون ممكن والثغرات الموجودة فيه قابلة للتعديل، مؤكداً أن مشروع القانون جيد بصورة عامة ويمكن ان يرسم مبادئ توجيهية للمؤسسات لغرض التعامل مع ضحايا العنف الأسري وايجاد مأوى لأي شخص يتعرض الى التجريح والعنف داخل الاسرة.
ويضيف البياتي أن على القوانين أن توازن بين المحافظة على الاسس الديمقراطية والحياة المدنية، وبين المبادئ والقيم الاجتماعية وتعاليم الاديان المختلفة في العراق.