الحكّام العراقيون وقيم الحسين
الحكّام العراقيون وقيم الحسين – قاسم حسين صالح
في العام 2021 نكون قد اكملنا ثمانية عشر عاما كنا نحيي فيها طقوسنا الحسينية بحرية.ولا نريد ان نتحدث هنا عن مسؤولين كيف استغلوا تلك الطقوس لأغراض سياسية صار امرها مفضوحا.لكننا، وانطلاقا من حقيقة ان الانسان يتعلم بالخبرة ويلتقط العبرة من التجربة..نتساءل:هل راجع الحكّام انفسهم الذين رفعوا في الشوارع شعار (الحسين منهجنا)..كم هم بعيدون عنه؟ .وهل ادرك الناس ان حقيقة الحسين تكمن في الأقتداء بقيمه وليس في التباهي باللطم عليه؟فعلى سبيل المثال وتزامنا مع تشكيل الحكومة السادسة برئاسة السيد عادل عبد المهدي،فان شرط الكفاءة والنزاهة الذي ندعو الآن اليه بوصفه احد وسائل الاصلاح،كان الامام الحسين قد تبناه بقوله:(إنّا أهل بيت النبوة،ومعدن العلم، ومختلف الملائكة، وبنا فتح الله، وبنا ختم، ويزيد رجل فاسق، شارب الخمر، قاتل النفس المحرمة، معلن بالفسق، ومثلي لا يبايع مثله).مذكّراً بان دعواته الإصلاحية ما كانت للتنافس على الخلافة وإنما لإيجاد أرضية لعمل الحق مقابل الباطل بقوله :(اللهم إنك تعلم إنه لم يكن ما كان منا تنافسا في سلطان، ولا التماسا من فضول الحطام، ولكن لنرى المعالم من دينك، ونظهر الإصلاح في بلادك، ويأمن المظلومون من عبادك، ويعمل بفرائضك وسنتك وأحكامك).ومن هنا جاءت ثورته من اجل حرية الناس وصيانة كرامتهم الإنسانية، ورفض الذلة التي اتبعها الطغاة وأتباعهم في تعاملهم مع الناس.والحسين لم يحمّل الحاكم وحده مسؤولية ما يصيب الوطن من خراب بل والناس ايضا بقوله :” ولكنكم مكنتم الظلمة في منزلتكم،وأسلمتم أمور الله في أيديهم يعملون بالشبهات، ويسيرون في الشهوات، سلطهم على ذلك فراركم من الموت وإعجابكم بالحياة التي هي مفارقتكم، فأسلمتم الضعفاء في أيديهم، فمن بين مستعبد مقهور وبين مستضعف على معيشته مغلوب، يتقلبون في الملك بآرائهم ويستشعرون الخزي بأهوائهم، إقتداءً بالأشرار، وجرأة على الجبار، في كل بلد منهم على منبره خطيب يصقع، فالأرض لهم شاغرة وأيديهم فيها مبسوطة، والناس لهم خول لا يدفعون يد لامس”.والمدهش الذي نغفله للأسف ان التمعن بمقولات الامام الحسين يجعلنا نستنتج انها تضمنت، وقبل اربعة عشر قرنا!، نفس القيم التي تبنتها حديثا منظمات حقوق الانسان المتمثلة بـ (العدل – والاخلاق – والحريات – والحقوق – والواجبات).. ونفس التحذير الذي وجهته الامم المتحدة حديثا بان انتهاك حرية الانسان وكرامته يجر الى مآس واحتراب يلحق الخراب بالوطن ويشيع الكراهية والعنف بين مكونات المجتمع.ونفس الهدف الذي تبنته الدول المتحررة في دعواته الإصلاحية إلى صيانة الكرامة الإنسانية،ورفض العبودية،وتحديه الذلة التي يريدها الطغاة للأحرار.معتقدات واراءوتوعية الناس بدورهم الاخلاقي والاجتماعي والديني في اصلاح شؤون الأمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ،وتنبيههم بأن مواصفات الحاكم العادل هو ذلك الذي يحكم بالحق ويحترم آراء الناس ومعتقداتهم ويجعل القانون معيارا لهيبة الدولة ومشروعية حكمه،باعتماد مقولته: (ولعمري ما الإمام إلا الحاكم بالكتاب،القائم بالقسط، الداين بدين الحق،الحابس نفسه على ذات الله).وتوكيده على الحاكم ان يعمل بتعاليم الاسلام التي تؤكد على قيم العدالة بين الناس في امورهم المعيشية والخدمية وعدم معاقبتهم في ارزاقهم،وان لا يفرّق بين احد من الرعية على اساس القرابة او الطائفة او العشيرة فيكرم من يشاء ويحرم من يشاء،ولا يعتبر ما يجبى من زكاة وخراج (ثروة الوطن) ملكا خاصا به..يشتري بها الضمائر والذمم ويسخرّها لمصلحته،وينفقها على ملذاته واشباع رغباته الدنيوية الزائلة..ما يجعلك تصل الى اغرب مفارقتين وانت تستعرض حال الحكّام والناس:الأولى:ان المسؤولين الذين يدعون انهم حسينيون،،يعملون بالضد تماما من قيم الأمام الحسين وسيظلون على نهجهم هذا الى يوم يبعثون مع ان ما نهبوه من ثروة العراق يكفي لأحفاد احفادهم، وانهم يرشحون لانتخابات 10 تشرين..بلا خجل،ويشترون وجوها رشحوا للأنتخابات بوصفهم مستقلين!والثانية:ان الشعب العراقي يعدّ،وفقا لدراسة بريطانية،اذكى شعوب المنطقة،ما يعني انه سريع التعلم..الا في ادراك حقيقة ثورة الحسين..مع ان خلاصهم يكمن فيها!.