الحكومة والبرلمان: من يحاسب من؟
مازن صاحب
المعروف في الأنظمة البرلمانية ان مهمة البرلماني المراقبة والتشريع، لكن يبدو ان الكثير من البرلمانيين العراقيين نزعوا برقع تمثيل الشعب الى نموذج تمثيل مصالح ذاتية تمثل اجندات حزبية مما جعل سفينة الحكومة امام طوفان الاخطاء المتراكمة تلك التي شخصتها تقارير صندوق النقد الدولي او البنك الدولي ونقلتها حكومة الكاظمي الى ورقة الاصلاح الاقتصادي البيضاء!
وحين تسأل اي برلماني حتى في جلسة خاصة (وين رايحين وإلى اين سيكون مصير البلد) لا يات الجواب بجديد!
في اي نموذج عملي لادارة السلطة لابد من تبيان مواقف واضحة وصريحة لوضع السياسات العامة للحكومة على مطرقة القياس والمعايير في تقييم وتقويم الأداء الحكومي، واعتقد هناك لجنة برلمانية متخصصة بهذا الموضوع، ولم يظهر من هذه اللجنة اي مواقف حاكمة لالغاء قرارات حكومية مثل اتفاق سنجار الذي منح الاقليم الكردي سلطات من صميم اختصاص القوات الاتحادية، او عالج ثغرات كبرى في اعمال خلية ادارة الازمة لمواجهة وباء كورونا او تعامل مع النتائج المتوخاة لزيارات رئيس الوزراء الخارجية وما صاحبها من اتفاقات او توقيع مذكرات تفاهم، هكذا تحولت قرارات الحكومة الى واقع حال لا يسمح في مراحل لاحقة لمجلس النواب محاسبة الحكومة على تلك النتائج بل جعل الاولوية لتلك القرارات الحكومية ..وعلى البرلمان المقبل ان يتعامل مع تركة ثقيلة لنتاج هذا التراكم من الاخطاء الحالية كما هو حال هذا البرلمان والذي قبله!مثال اخر على تضارب الاقوال والافعال في تأخير مستحقات الرواتب والاجور …فمجلس النواب يبدو اليوم عاجزا على ممارسة دوره الرقابي او التشريعي وانغمس فقط في الحصول على القاب علمية خارج الضوابط الاكاديمية!كل ذلك انما هو نتاج مفاسد المحاصصة التي اوصلت البلد الى حافة الإفلاس المالي بعد اشهار الإفلاس السياسي، فأصبحت العملية السياسية تلجأ الى تقارير صندوق النقد الدولي لمعالجة الاخطاء على حساب تعظيم هشاشة الفقر وتزايدها مقابل رخاء ورفاهية الطبقة السياسية ووعاظ مفاسدها.
نعم هناك اصوات قوية داخل مجلس النواب للمطالبة بحلول واقعية لكن هذه الاصوات لم ولن ولا تدعم من قيادات العملية السياسية، لان ما تطرحه من حلول يتضارب مع اتفاقات مفاسد المحاصصة التي منحت صلاحيات غير دستورية في اتفاق سنجار وقسمت الدوائر الانتخابية حسب مصالح الاحزاب المتصدية لسلطان الحكم، عسى ان يفهم الجميع الضرورة الملحة لتشكيل مجلس حكماء من خارج كفن العملية السياسية ومنحه الصلاحيات لإنقاذ ما يمكن انقاذه قبل تراكم اخطاء أخرى، ستجد قيادات مفاسد المحاصصة انها غير قادرة عن العودة حتى الى شواطئ منطلقاتها الفكرية وستخلع حجاب الطهر الحزبي امام جمهورها فالتاريخ لن يرحم ..ولله في خلقه شؤون!.