مقالات

الحكومة العراقية الأكاديمية

بقلم: علي الابراهيمي

العنوان السياسي غلب على كل العناوين القيمية والتنموية في العراق ما بعد الوجود الأمريكي فيه . وقد بلغ اليوم النزاع حول المناصب القيادية والإدارية حد الاستهتار بكل القيم الاجتماعية والإنسانية والأعراف السياسية بين الكتل الحزبية والقومية . حتى انحدرت المجموعات المتفرقة إلى الارتماء في الحضن الأجنبي صريحا ، ومن ثم بيع الوطن عمليا .ان الإرادة الدولية في العراق واضحة المشاعر في رغبتها زيادة الصراع ، ومن ثم التفكك ، ومن ثم إبقاء الشعب العراقي رهيناً للعبة الدولية . والبصمات الأجنبية في بلاد الرافدين غير ودودة قطعا . ويزداد الصراع بين الشرق والغرب على الأرض العراقية ، لأسباب عقائدية وسياسية واقتصادية وأمنية وتاريخية .ويزيد الإعلام الممول والموجه محلياً ودولياً من حمى الافتراق ، ومن ثم الهلوسة الشعبية واختلاط الأوراق وضعف الذاكرة الجماهيرية وعدم القدرة على التمييز .ان افتقار الانتفاضة التشرينية الأخيرة بوجه الفساد إلى الوعي القيادي واضطراب امواجها الفكرية ساعدت في وصول أشخاص من ذات المنظومة السياسية والأمنية الفاسدة إلى السلطة ورئاسة الوزراء .لذلك أجد من المناسب التخلي عن الرؤى السياسية في إدارة الملف الحكومي العراقي ، والالتجاء إلى الرؤى الأكاديمية ، من خلال تولية ( مجلس كلية ) ملفاً وزارياً او حكومياً مستقلاً لعدة سنوات .إذ إن عدد الوزارات العراقية بحدود سبعة عشر وزارة ، وعدد الهيئات المستقلة بحدود اثنتي عشرة هيئة . ويكون المجموع بحدود التسعة والعشرين ملفاً قيادياً . فيما يتجاوز عدد الجامعات في العراق الخمسة والثمانين جامعة ، منها خمسة وثلاثون جامعة حكومية تقريبا . مما يسمح بتولي هذه المؤسسات الأكاديمية للعمل القيادي التنموي بعيداً عن المعايير والشروط الحزبية إلى أجل ديموقراطي ما .وذلك من خلال استغلال التوزيع الجغرافي للجامعات العراقية ، فتشغل جامعة من كل محافظة عن طريق كلية متخصصة وزارة او هيئة ما ، اعتماداً على ما تتميز به تلك المحافظة . وكمثال يمكن لجامعة البصرة ان تشغل ملف النفط او الصناعة لوجود تلك المشاريع في محافظتها ، وهكذا . عن طريق اختيار مؤتمر تعقده الجامعة لاساتذتها لإختيار الكلية المتخصصة في الملف المراد شغله . ويتم اختيار الاسم الذي يشغل منصب وزير او رئيس هيئة عن طريق التصويت السري لأساتذة تلك الكلية . ويشارك في إدارة الوزارة مجلس ساند تكون له صلاحيات من أساتذة ذات الكلية .فيما يتم اختيار قادة الأجهزة الأمنية عن طريق تصويت سري لمؤتمر لمجالس إدارات الجامعات العراقية .ويستمر الوضع الجديد لسنتين حتى تتم التهيئة لانتخابات مقبولة تراقبها الجامعات ذاتها من خلال انتداب خبراء يمثلون جميع الجامعات العراقية ، تنتهي مهامهم بانتهاء الانتخابات .ان الصراع الحالي يتجه بالعراق نحو المجهول ، ويبدد الفساد الثروة الوطنية ، فلابد من حلول مؤقتة غير حزبية .ويتجه الخلاف بين رئاسة الوزراء وبين السلطة التشريعية إلى ما يشبه النزاع القائم في الولايات المتحدة الأمريكية بين الرئيس وبين مجلس النواب ، وهو ما يزيد التفكك في مؤسسات الدولة العراقية . وهو التفكك الذي يستغله الطرف الانفصالي الكردي ، وكذلك الكتل السارقة في الدولة العميقة ، لاسيما كتلة مثل سائرون التي تحتفظ بالأمانة العامة لمجلس الوزراء .ويزداد الغرباء قدرة في إقناع القيادات الأمنية بالتضييق على الديموقراطية تحت حجج مختلفة ، وقد تناسوا أنهم وصلوا الى مناصبهم من خلال العهد الديموقراطي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى