الحكم العَضوض .. إلى أين ؟
الحكم العَضوض .. إلى أين ؟ – عبد الخالق الشاهر
لمن لم يسمع بهذا (المبدأ) نقول إنه من المبادئ الأساسية التي حكمت تاريخنا وحاضرنا العربي والإسلامي منذ قيام الدولة الأموية إلى اليوم، وهو يُفسَّر بمقولة شيخ بني أمية عندما آلت إليهم الخلافة (تلقفوها بني أُمية بينكم تلقُفَ الكرة، إنها الملْك لا جنة بعدها ولا نار). وتطور هذا المفهوم في التأريخ المعاصر ليختصر بعبارة ( ما ننطيها)كيف وصلنا إلى سدّة الحكم؟ بثورة.. باحتلال.. بصندوق اقتراع.. إلخ؟ لا يهم. ما الغايات الوطنية والمصالح الوطنية؟؟ لا يهم أيضاً، المهم كيف نعضّ على الحكم بأنيابنا، وإن لم تكفِ الأنياب نستعين بالمخالب (ميليشيات.. قوى وطنية… أقارب.. مكونات .. إلخ)، وعلينا أن لا نقصي الآخر فحسب بل أن نُدمِّره طالما أنه يريد مشاركتنا في (الخلافة غير الراشدة)، لقد أصبح البلد لنا ، وتصغر الحلقة يوماً بعد يوم ليصبح البلد لي ولإتباعي ، وبعدها لي فقط، حسب نظرية الحكم الإلهي الأوتوقراطي ، والتي يتصور البعض أنها قد باتت في غياهب العصور الوسطى .
في ظل هذا الموروث السيئ هل يمكن أن يحصل اعتراف بالآخر؟ وهل يمكن الحديث عن شيء اسمه شعب ؟ وهل يمكن أن ينجح (الحكم العضوض) في تقديم شيء للشعب المعضوض ، أم أن الفشل هو محتَّم باتجاه ذلك، حيث أن القدرات كلها ستتوجه للتمسك بالحكم من خلال اقصاء الآخر حتى لو كان شريكا ، ولا زلت احفظ عن ضهر قلب كلام السيد صاح معلا من المجلس الاعلى (ان دولة القانون حــصتها الحالية 72 بالمئة من الدرجات الخاصة .ثروة هائلةألا تلاحظوا معي هذا التمسك الغريب وغير المسبوق والمقرف بالسلطة في العراق؟؟ ما هو السر في ذلك ؟؟ اعتقد ان هناك امران الاول هو ان هناك ثروة هائلة سائبة بشكل لا وجود له في أي دولة في العالم ولا حساب عليها لا للصغير ولا للكبير عدا ما يحصل لغرض التسقيط وعندما يكون المتنفذ شابا يقال انه شاب وعندما قد عبر الخمسين يقول انه مسن وفي الحالتين يحصل وقف التنفيذ او تخفيف العقاب .
ولا شك ان ذلك يشكل اغراء هائلا للطبقة السياسية فأين يجدون ذهبا مرميا في الشارع ؟؟ وأين يجدون افلاتا من العقاب كالذي يجري ؟؟ وأين يجدون بلدا يفككون فيه سادس اكبر مصفى في اكبر قارة وينقلوه الى بلد آخر ؟؟ وأين يجدون سلطات ثلاث رواتبها سدس رواتب الشعب؟؟ حتى ديوان الجند عندما تأسس زمن الخليفة عمر بن الخطاب (رض) وضع فيه (العطاء) أي الرواتب وجرى احتسابها على ( من شهد بدرا) له كذا و(من شهد بدرا وأحد) راتبه كذا ، وأعطى ما أسماه (شرف العطاء) لآل بيت النبوة (ع) حتى ان لم يشهدوا اية معركة ،وكان عطائهم هو الاعلى ، وأنا واثق ان أي منهم لم يستلم مليوني دولار الا نيفا لنائب بسيط ولو لدورة واحدة وهو لم يشهد بدرا ولا غيرها ولم يتفوه بكلمة واحدة تحت القبة ويجوز انه لم يحضر حتى جلسة ترديد القسم .الأمر الثاني والأهم لدى بعض السياسيين هو ان نسبة لا بأس بها منهم ساهموا في قمع انتفاضات الشعب السلمية حيث من المؤكد ان لا توجد جهة واحدة تتمكن من قتل الفا وخطف المئات واصابة عشرات الآلاف بأسلحة لا تمتلكها القوات المسلحة، وبعدها يجري عقوبة واحد بالألف من القتلة (المنفذين ) بالإعدام دون الحكم على الجهة (الشريكة) وسترون كيف سيحاكم المسكين الذي قتل هاشم الهاشمي وسيعدم ويختفي الشريك (الجهة) لتستأجر قاتلا غيره ، وتبقى القصة مستمرة.عليه هناك قتلة وسراق وهؤلاء مشمولين بالحصانة والنفوذ ويصولون ويجولون ويتحدثون عن الديمقراطية والدستور وهيبة الدولة .. الخلاصة .. من سيحميهم اذا خسروا الحصانة والنفوذ؟لذلك انا لست مع من يقول (لا يحصل قتال شيعي . شيعي .. كون الامر لا يتعلق بمسألة نفوذ او سلطة بل هو مسألة حياة او موت كما قالها شكسبير (to be or not to be) وهذا الاعتقاد نفسه هو الذي قد لا يؤدي الى الاقتتال بتنازل البعض لقاء تعهد بعدم الملاحقة القانونية ويعود الطاس نفسه والحمام نفسه ، ويبقى الامر مرهونا بمدى اصرار السيد الصدر .. ويعود الشعب يجتر احلامه غير المنطقية والخيالية (وطن ، سيادة ، شفافية ، مواطنة ، كهرباء) وبما ان السياسة فن الممكن فالممكن الوحيد هو ( توافق ، شراكة ، توازن، مكونات ) كما ارادوا.