التوافق أم المحكمة؟
فاتح عبد السلام
لا يزال التوافق السياسي هو الأساس في إدارة الحكم العام في العراق.
الانتخابات تعمل من جهة، لكن في النهاية هناك توافقات سياسية تتأسس على ما تفرزه تلك الانتخابات من نتائج في سياق نسب مشاركة لم ترتق الى مستوى لائق حتى اليوم.
من هنا، يعلم الجميع انّ هناك في الجانب الآخر المحكمة الاتحادية، لذلك يكون ثمة غرض سياسي واضح إذا حدثت اتفاقات سياسية او حكومية ومن ثمّ تمَّ اللجوء الى المحكمة الاتحادية التي تكون قراراتها في الغالب في الضد من التوجه السياسي بحكم ما لديها من معطيات قانونية، هي ذاتها موجودة في حيازة السياسيين عند حدوث التوافق لكنهم يمضون غير مبالين بها.
سيبقى العراق يعيش ثنائيات أو ثلاثيات ورباعيات متناقضة تحت سقف العملية السياسية، وليس العملية الديمقراطية، لأنّ التوافق السياسي لا يدخل في صلب آليات العمل الديمقراطي أبداً.
في هذه الأجواء، نشأت مشكلة جديدة بين بغداد وإقليم كردستان في وقت كانت فيه التوجهات العامة تنحو منحى الحلول والتقدم خطوة باتجاه تطبيق بنود دستورية غير مفعلة ولا أقول منسية. والمشكلة الجديدة هي مالية في المقام الأول، اذْ ترفض المحكمة الاتحادية قيام الحكومة العراقية بتحديد موعد لصرف دفعة مالية الى الإقليم لغرض تسديد رواتب وسوى ذلك بدعوى انّ هناك التزامات على الإقليم الكردي لم يؤدها بعد.تشبيه زعيم كردي المحكمة الاتحادية بالقيام بأدوار مماثلة لمحكمة الثورة سيئة الصيت في النظام السابق استفز بعض القوى، لتظهر اتهامات متبادلة، قد لا تخدم حالة التقارب التي نجح نيجرفان بارزاني رئيس الإقليم في صنعها مع الحكومة العراقية الجديدة.
العلاقة مع المحكمة الاتحادية مستمرة، وهناك قوى تصفها بالحصن الحصين للعملية السياسية، وهذا تناقض اخر، لأنّ العملية السياسية قامت على أسس غير قانونية وانّما سياسية، وربّما اضطرارية ، واحيانا بضغوط من عوامل خارجية ، فهل يجوز اعتبار المحكمة الاتحادية ذلك الحصن الذي يحمي بشكل غير مباشر عملية غير قانونية بحسب المعطيات الجارية في المشهد السياسي العراقي؟
لا توجد حلول، لكن الأفضل هو تخويل اية حكومة تتولى إدارة البلد تقدير الموقف بحكم الضرورات الوطنية وليس السياسية، لتجنيب جر القضاء دائما الى الساحة السياسية الصاخبة، وكذلك تجنيبه تلقي اتهامات من جهات يصيبه