التنمية السياسية وجثث العقائد !!!
مازن صاحب
ثمة تسلسل بين انتاج السلطة والعقائد التي تنتج الأفكار ..فالمتغير التاريخي الأوربي منذ صعود البرحوازية الوطنية وظهور الدولة القومية ثم الاستعمار.. كانت خلال ذاك الزمان الخلافة العثمانية تتصارع مع الدولة الفارسية على احتلال العراق …وفي بدايات القرن العشرين ..ظهر الكواكبي في كتابه طبائع الاستبداد والنائيني في فتوى التكليف بالانتخابات ما بعد ثورة المشروطية التي أسقطت مبدا طاعة ولي الأمر… وكلاهما عالج موضوع السلطة من دون تنمية سياسية مجتمعية لبناء دولة اسلامية تقابل التطور الحاصل في إمبراطورية مثل بريطانيا لا تغيب عنها الشمس في حينه !! ومع متغيير صناعة القرن الأمريكي الجديد ايضا لم تستشعر لحاظه غير مشاريع خليجية لعل ابرزها مشروع الرؤية السعودية بمواكبة مصرية اردنية حاولت واشنطن إلحاق العراق به في مشروع الشام الجديد.. فيما نقلت الاحزاب المتصدية لسلطان الحكم في عراق ما بعد ٢٠٠٣ كل تفسخ جثث العقائد في واحدة من ابشع التطبيقات بمفهومي البيعة والتقليد فلم يظهر من بين نخب المنهج الإسلامي كواكبي او نائيني عراقي بل تم اشترار افكار دعاة الامس بعناوين براقة تعزز جاهلية التضليل للرأي العام الجمعي العراقي حتى فاحت مفاسد المحاصصة من جثث هذه العقائد وبات عراق اليوم امام استحقاق تاريخي لدفن كامل لتلك الدولة التي اسست مطلع القرن الماضي والعمل الجاد لابتكار نموذج متجدد لدولة مدنية عصرية تعتمد مبدأ عراق واحد وطن الجميع بدلا من عراق المكونات وإلغاء سلطان أمراء الطوائف السياسية من خلال عقد اجتماعي دستوري جديد يحقق العدالة والانصاف ومساواة المنفعة الشخصية للمواطن العراقي الناخب والمنفعة العامة للدولة… في المقابل يواصل الكثير من الشخصيات طروحاتهم عن مستقبل العراق السياسي باستعادة مضامين جثث العقائد التي لم تصلح لا بخلطة العطار ..ولا بالمسار التوافقي ولا حتى بضلالة التكفير عبر الجحوش الإلكترونية…فقط تتم استعادة جثث العقائد لضمان سلطة أمراء الطوائف السياسية حتى وان انتهى العيش بين هذه الجثث الى موت محتوم للعراق الذي ربما يبقى مجرد تاريخ بلا جغرافية لكل بشرية متصارعة … ما دامت التنمية السياسية عبر الانتخابات لا تولد غير مقابر للديمقراطية بلا منهج لصناعة المستقبل ..ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!