التنافس الانتخابي بين “تقدم” و “عزم” يبدأ مبكراً من صلاح الدين
بدأ التنافس الانتخابي مبكراً في المناطق ذات الغالبية السنية في العراق استعداداً للانتخابات البرلمانية المبكرة المقررة في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، لتكون سباقة لباقي مناطق البلاد التي لا تزال تشهد صمتاً ربما ينتهي خلال أسابيع قليلة.
ودشن رئيس مجلس النواب العراقي، زعيم حركة “تقدم” محمد الحلبوسي حملته الانتخابية في المناطق السنية بزيارة إلى محافظة صلاح الدين شملت قضاءي الضلوعية والعلم، وهما أماكن قاتلت فيها العشائر العراقية بشراسة ضد تنظيم “داعش” خلال فترة سيطرته على عدد من المدن العراقية بعد 10 يونيو (حزيران) 2014.
تهديدات بكسر ظهر بعض السياسيين
وأطلق الحلبوسي في كلمة له بقضاء الضلوعية تهديدات “بكسر الظهر” لكل من يتلاعب بأمن واستقرار المناطق المحررة، في إشارة إلى محافظات نينوى وصلاح الدين وديالى والأنبار، مشيراً إلى أن بعض السياسيين كانوا يحرضون الأهالي على حمل السلاح ومساندة الجماعات المسلحة والإرهابية، وتسببوا بتدمير هذه المناطق.
وقال الحلبوسي إن من الضروري عدم استخدام المناطق المحررة من قبل سياسيين معروفين كورقة للحصول على مكاسب سياسية كما حصل في أيام “داعش” الإرهابي، وتسبب بسقوط هذه المناطق وتهجير أهلها وتدمير بناها التحتية وتغييب الآلاف منهم من دون معرفة مصيرهم.
صراع على مواقع التواصل الاجتماعي
ورأى المتابع لمواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام العراقية حجم الصراع بين أبرز تيارين سنيين يحاولان الاستحواذ على معظم المقاعد المخصصة للمناطق ذات الغالبية السنية، إذ تم إنشاء العشرات من الصفحات الوهمية التي تدافع وتهاجم التيارين البارزين، باتهامات لاذعة بالفساد والتسبب بضياع حقوق السنة.
المنافسة بين “تقدم” و”العزم”
ويمثل التيار الأول تحالف “تقدم الوطني” بزعامة الحلبوسي وشركائه من نواب وشخصيات رفيعة أكاديمية وشيوخ عشائر في محافظات صلاح الدين والأنبار ونينوى وديالى وكركوك وبغداد.
ويمثل التيار الثاني، تحالف “العزم” بقيادة خميس الخنجر وشركائه من حزب “الحل” بقيادة محمد الكربولي، ورئيس البرلمان السابق سليم الجبوري، ورئيس البرلمان الأسبق أسامة النجيفي، وعدد كبير من النواب والوزراء السنة السابقين وشخصيات عشائرية في المحافظات ذات الغالبية السنية وبغداد.
وانحصر التنافس بين الطرفين، بعد أن حُيّد طرف سياسي قوي في الزعامة السنية في محافظة صلاح الدين وجنوب الموصل، وهو النائب أحمد الجبوري المعروف بـ “أبو مازن” بعد إصدار المفوضية العليا للانتخابات قراراً بمنع مشاركته في الانتخابات بسبب تهم فساد وهدر مالي.
برنامج واضح
ورأى القيادي في تحالف “تقدم” حيدر الملا أن مشروع تحالفه هو المشروع الوحيد في المحافظات السنية الذي لديه برنامج واضح لتحسين واقع الحياة فيها، لافتاً إلى أن تحالفهم هو ممثل حقيقي للسنة في العراق، مضيفاً، “المحافظات الغربية تعرضت خلال فترة التظاهرات إلى تآمر خارجي تمثل بالتدخل في توجهاتها المطلبية، وعانى سكانها من ظلم حقيقي من قبل السلطة التي لم تحقق مطالب الناس”، مشيراً إلى متاجرة البعض بتلك المظلومية تحت مشروع “قادمون يا بغداد”.
وقال الملا، إن تحالفه يمثل المحافظات ذات الغالبية السنية، ولن يسمح بتكرار التجارب السابقة التي عانت منها تلك المحافظات، وهذه رسالة للجمهور أن يميزوا بين الصالح والطالح، موكداً أن الداني والقاصي يعرف، من دون ذكر أسماء، من تورط ببيع مظلومية المحافظات ذات الغالبية السنية.
وحذر الملا الأطراف السياسية من بيع السنة تحت أسماء وعناوين واهية، مستبعداً وجود مشاريع منافسة لمشروع تحالفه في المناطق السنية.
وحاولت “اندبندنت عربية” الحصول على رأي كتلة “عزم” التي يتزعمها خميس الخنجر لكن لم تحصل على رد.
الصراع قبل الانتخابات
وحذر النائب السني عن “القائمة الوطنية” كاظم الشمري من صراع سني – سني قبيل الانتخابات، قد يؤدي إلى صدام بين قوتين رئيستين، مشيراً إلى أن صراع المناصب بعد الانتخابات سيعزز هذا الخلاف، وأضاف، “النظام الانتخابي الجديد للدوائر المتعددة ومحدودية الساحة التي تتحرك بها هذه الأحزاب من خلال مرشحيها في الدوائر الانتخابية، وعدم إمكانية الخروج أكثر من هذه الدوائر، سيكون سبباً في حصول مواجهات وتصادم بين الأحزاب والمرشحين”، وقال، “الذي يساعد على هذا الوضع هو سيطرة وهيمنة بعض الأحزاب والميليشيات في بعض المناطق ما سيشكل استخدام عامل القوة وتوجيه الناخب نحو التصويت له “، وأشار إلى أن ضعف الدولة، وعدم وجود إجراءات واقعية على الأرض لإضعاف القوى المسلحة، وسحب السلاح من الشارع وحصره بيد الدولة، عوامل تعزز صراع الانتخابات.
خلافات عميقة
ورأى الشمري أن القوى السنية تشهد خلافات عميقة في ما بينها أكثر من القوى الأخرى، لا سيما بين القوتين الرئيستين، وهما كل من “عزم” الذي يرأسه خميس الخنجر و”تقدم” الذي يتزعمه الحلبوسي، وهذا الصراع سيأخذ طابع الصراع والصدام قبيل الانتخابات، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن كل الظروف مهيأة لهذا الصدام، أما الساحة الشيعية فسيكون صراعها قبيل الانتخابات أو بعده، معتبراً أن التشتت السني فكري حقيقي ولا ينتهي بعد الانتخابات، لافتاً الى أن هذا التشتت سيتعزز بصورة أكبر بعد الانتخابات، لا سيما أثناء تقاسم المناصب والخلاف حول ممثل السنة في التفاوض.
الصراع في أعلى مستوياته
من جهته، لفت رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري إلى أن الصراع بين الزعامات السياسية داخل المكون نفسه أمر طبيعي وهو جزء من الصراع الانتخابي، مشيراً إلى أن الصراع السني هو في أعلى مستوياته قبيل الانتخابات النيابية، وأضاف، “ما بعد أي انتخابات، نشهد صراعاً بين البيوتات، لا سيما السياسية ومن ضمنها البيت السياسي السني، وشاهدنا انقساماً بعد انتخابات 2018 على الرغم من التهدئة التي تحققت آنذاك نتيجة تقاسم المصالح والنفوذ ومؤسسات الدولة والوزارات”.
واعتبر الشمري أن ما يجري أمر طبيعي، لا سيما قبل الأشهر التي تسبق الانتخابات كجزء من التنافس الانتخابي، فضلاً عن أنه تنافس بين الزعامات، لافتاً الى أن الصراع الآن هو في أعلى مستوياته، خصوصاً وأن هناك جيلاً تقليدياً وآخر حديثاً، لذلك يعد الأمر صراع وجود بين جيلين، مضيفاً أن هذا الصراع سينتج الزعامة السنية التي ستهمين على القرار السني، لا سيما وأننا الآن في مرحلة فرز الأقوياء.
وتابع الشمري أن هذا الصراع لا يعد عامل ضعف للسنة بقدر ما ينتهي الموضوع بالتوافق، وشهدنا النهج ذاته بعد كل انتخابات، لافتاً إلى أن تقاسم الخارطة السياسية يكون مع الأقوياء من السنة والكرد والشيعة، والتحالفات تسير بهذا الاتجاه بعد الانتخابات، لذلك سنجد تصعيداً كلما اقتربت الانتخابات.
المصدر: اندبندنت عربية