التكنوقراط الحزبي
الكاتب : رافد جبوري
كانت عبارة هاي كلاوات عبارة معبرة استخدمها وزير التعليم العالي قصي السهيل في وصف اكثر من فقرة في البيان الحكومي حول فيروس كورونا. كلام السهيل اتى طبعا قبيل اعلان وزير الصحة جعفر صادق علاوي عن البيان الموجه للشعب العراقي لاخباره بجهود حكومته في مكافحة الكورونا. استمع الجميع لكلام السهيل في الفديو الذي تم تسريبه لتلك اللحظات. وقد تضمن الفديو ايضا تخبطا في فقرات البيان واقتراحات متعددة ومتضاربة احيانا جاءت في اللحظة الاخيرة بينما وقف وزير الصحة مستمعا وحائرا ثم طالبا من احدهم بان (يصلخه باشارة) عندما تكون كاميرات التلفزيون جاهزة.
ذلك التخبط متوقع تماما في اطار الاجواء التي يعيشها العراق والطريقة التي تتم بها الامور فيه. فهذا جعفر علاوي مثلا الذي اتى لمنصبه بعد سنوات من الحديث عن التكنوقراط واهمية تعيين وزراء مختصين. على الورق هو تكنوقراط فعلا فهو طبيب وتقول سيرته الذاتية انه تولى مسؤوليات عديدة في مجال مهنته. في الواقع هو يتعامل مع ازمة كبرى بهذه الطريقة التي شاهدها الجميع.
اما قصي السهيل صاحب عبارة الكلاوات فقد كان قاب قوسين او ادنى من ان يصبح رئيسا للوزراء خلفا لعادل عبد المهدي. فقد حظي بدعم القوى المتحالفة مع ايران وقد كان ترشيحه مشابها لسيناريو ترشيح حسان دياب رئيس الوزراء اللبناني الذي كان ايضا وزيرا للتعليم لكن ترشيح دياب مر بينما لم يمر ترشيح السهيل بسبب معارضة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر القاطعة. بالمناسبة فان السهيل هو ايضا تكنوقراط فهو استاذ جامعي لكنه تكنوقراط حزبي كما هو الوصف المعروف في عالم الغرائب والكلاوات العراقية. اذ كان السهيل كما هو معروف من اتباع التيار الصدري وقد تولى منصب نائب رئيس مجلس النواب تحت ظل التيار. لكنه انشق بعد ذلك ليصبح وزيرا للتعليم تحت ظل الجماعات الاخرى المنشقة عن الصدر ويقال انه كان قبل كل ذلك عضوا في حزب البعث. اما فيما يخص عبارته عن الكلاوات التي يتضمنها البيان الحكومي العراقي فانا لست مع القسوة في التقاط عبارات غير محسوبة لكن الكلاوات فعلا وبغض النظر عن كلام السهيل سائدة في العراق. انها الكلاوات التي تسير الكثير من الامور ويمارسها الكثير من السياسيين والمسؤولين وبضمنهم من هو اكبر من السهيل واكثر تأثيرا. لكن النظام السياسي العراقي وكلاواته قد وصل الى ازمة حقيقية ادت الى اندلاع التظاهرات واستمرارها. في الحقيقة حتى لو نجح النظام في اخماد التظاهرات , وقد نجح حتى الان في الحد منها, فأن ذلك لن يكون كافيا لخلاصه. اعتذرت شبكة الاعلام العراقي المسؤولة عن توزيع ترددات البث التي تسمح للقنوات الاخرى بالاطلاع على محتوى المؤتمرات الصحفية وتعهدت بأنها ستحصر البث عندها فقط في المستقبل. ربما يحصل ذلك ويزيد من القيود على وصول الناس الى المعلومة وتفاصيلها وظروفها. لكن ان استمرت الكلاوات فأن الجميع سائرون الى نهاية غير سعيدة.