التعداد والاستعداد للانتخابات بغداد
عبد الستار رمضان
الاستعداد للانتخابات العراقية المبكرة المقرراجراؤها يوم 10 تشرين اول القادم يجري ويتواصل في العراق، او على الاقل من حديث ومقابلات المسؤولين العراقيين على مختلف مناصبهم ومسؤولياتهم وهم يتصدرون شاشات القنوات في شهر رمضان المبارك وتأكيدهم على اهمية اجراء الانتخابات بكل شفافية ونزاهة وغيرها من العبارات والكلمات المكررة خلال السنوات ال18 الماضية، حتى الامم المتحدة وبعثتها الدائمة في العراق وممثلتها التي لا يوجد في تصريحاتها او كلامها غير العبارات التي يرددها الجميع عن الانتخابات وكونها الفرصة الاخيرة وغيرها مما هو معروف ومنشور.لكن الغريب انهم جميعا يعرفون ان الانتخابات السابقة ولاربع دورات كانت تتكرر فيها ذات الكلمات والمصطلحات لكن المخرجات والنتائج كانت قريبة من بعض ان لم تكن واحدة، عليه فان من يريد معالجة حالة مرضية اصبحت تشكل عاهة او مرضاً مزمناً لا بد له ان يبحث عن طرق واساليب جديده غير الطرق والاساليب التي استخدمها خلال السنوات السابقة كي يحصل على الاقل نتائج جديدة تختلف عن سابقاتها من النتائج السيئة والمأساوية على المجتمع والوطن بشكل عام.ونحن سبق وخلال السنوات السابقة ان نبهنا وطالبنا وكتبنا اكثر من مقال ولقاء على الفضائيات بوجوب اجراء التعداد العام للسكان،لسبب بسيط وجوهري وهو ان نزاهة وعدالة اي انتخابات لا بد ان يكون على قاعدة بيانات صحيحة وحديثة تحدد اعداد الناخبين ومناطق سكناهم وبموجب احصاء وتعداد سكاني عام وشامل لكافة العراق وتحت رعاية واشراف الامم المتحدة والمنظمات الدولية المتخصصة في هذا المجال.ان من المهم والضروري ان تقوم الحكومة العراقية باجراء التعداد العام للسكان قبل اجراء الانتخابات وبذلك تحقق منجزاً عجزت عن تحقيقه كل الحكومات السابقة والتي كانت تتوفر لها ميزانيات ضخمة وظروف طبيعية افضل بكثير مما هو موجود الآن بسبب جائحة كروونا وانخفاض اسعار النفط والديون المثقلة بها الميزانية العراقية.لكن رغم ذلك فانه توجد بعض الظروف المساعدة على اجراء التعداد والتي يمكن استغلالها من اجل اجرائه خلال الاشهر القادمة:1-ان وزارة التخطيط والجهاز المركزي للاحصاء سبق وان اعلنا واكدا استعدادهم لاجراء التعداد السكاني بل وقاما فعلا باجراء تعداد تجريبي في بعض المناطق.2-ان انتشار جائحة كورونا وفرض حالات الحظر ومنع التجول يجعل من اجراؤه في يوم محدد ومنع التجوال العام امرا ممكنا من الناحية الواقعية لاسيما وان الناس فعلا يعيشون في حظر اجباري او اختياري بسبب الجائحة.3-بالنسبة للتخصيصات المالية التي يتطلبها التعداد فالعراق مديون والديون متراكمة والمبلل لا يخاف من المطر كما يقول المثل.4-ان مئات الآلاف من المعلمين والمدرسين الذين لم يدواموا ولم يمارسوا اي عمل منذ حوالي سنة يمكن الاستفادة منهم بدورات سريعة وتهيئة عدادين خلال الاشهر القادمة.5-واخيراً فان التعداد العام للسكان اوالاحصاء السكاني سوف يكون انجازاً أهم من اجراء الانتخابات المبكرة لانه سوف يضع خريطة وبيانات احصائية دقيقة وحديثة عن اعداد السكان وجنسهم واعمارهم والمستوى الدراسي الذي وصلوا اليه، كما سيبين اعداد الذين يملكون مساكن او مستاجرين والدخل الذي يحصلون عليه ومستوى المعيشة والكثافة السكانية في كل مدينة، وبالتالي سوف يكون التعداد المرآة الحقيقية الصادقة التي تبين كل شئ عن العراق ومدنه وشعبه وتعداد قومياته ومذاهبه ومكوناته بعيدا عن الدعايات والادعاءات الانتخابية والسياسية والتي لم تقدم للعراق سوى الفقر والجوع والنزوح والبؤس والخراب.