التطويع والتطبيع
التطويع والتطبيع – عدنان عودة الطائي
دأبت اسرائيل على اقامة علاقات مع محيطها الاقليمي ودول الجوار بشتى الطرق وبمختلف الوسائل وتعدد الاساليب بعد ان اقامت دولتها عشية اعلان بن غوريون قيام هذه دولة في الرابع من حزيران 1948 تاسيسيا على مرجعية وعد بالفور 1917 وبمباركة بريطانيا الحاكم الناهي في المنطقة انذاك لتندلع أولى حروب العرب ضد هذه الدولة والتي خسرها العرب بدلالة عدم حصولهم ماتم الاتفاق عليه مع بريطانيا وهو اكثر من ٪70 من مساحة فلسطين بما فيها القدس وكانت هذه الخسارة كفيلة باحداث تغيرات كبيرة في الوطن العربي فكان انقلاب حسني الزعيم 1949 وحريق القاهرة الكبير وثورة 1952 في مصر وسقوط الملكية والذي انسحب هذا التطور الخطير بتحريك الشارع العربي بضرورة القضاء على إسرائيل والذي انتج فيما بعد اي هذا التحرك ماعرف بالاحزاب القومية كما هي الناصرية وحزب البعث وحركة القوميين العرب والتي اخذت على عاتقها مقاومة هذه الدولة بشتى الوسائل وبمختلف الطرق خصوصاً بعد ايغال المليشات الإسرائيلية بالقضاء على المقاومة العربية خصوصاً الفلسطينية كعصابات شترين والكاهانا وغيرها..
ولما ادركت اسرائيل بكونها كيان غريب في المنطقة محاط بالاعداء ودولة شبه معزوله عن العالم إضافة لكرهها من قبل الكثير من دول العالم وعدم اعتراف المجتمع الدولي بها فضلا عن كونها تفتقر لابسط مقومات اسس الدولة وهو الشعب المتجانس وقلة عدد السكان بادى الامر الامر الذي دفعها لفتح باب الهجرة من مختلف دول العالم تحت عباءة الديانة اليهودية والهدف من وراء ذلك قيام دولة اسرائيل فاندفعت الموجات البشرية بمختلف هوياتها القومية ومن الشرق والغرب ومن الشمال والجنوب وكان اغلبها من شرق اوربا وروسيا وامريكا وحتى افريقيا والعالم العربي وهنا وقعت هذه الدولة بمشكلة صهر سكانها في بوتقة واحدة فتصدرت العنصرية والقومية لتكون احد الاسباب الذي تصدعت فيه اسس الانتماء الحقيقي لهذه الدولة لذا سمي يهود شرق اوربا الوافدين الانشكاز وبقية دول اوربا الشفردم ويهود افريقا وتحديدا اثيوبيا الفلاشا ويهود الشرق الأوسط وتحديدا ايران والعراقاذن صار كيانا غريبا واختلفت ملامح السكان وتوجهاته وانحداره القومي فبرز للسطح التمايز العنصري الذي اسس لخلق حالة من الصعوبة بمكان دمجها خصوصاً وهي تمثل السكان…مما اشعر القادة الإسرائيليون بضرورة التغلب على هذه المشكلة خصوصاً وان دولتهم تواجه تهديدا مفاده الفناء فكان ولابد من التفوق من ناحية القوة العسكرية استنادا على التقدم العلمي والتكنولوجي الذي طوع لخدمة الالة العسكرية وادواتها السلاح بمختلف صنوفه مما جعلها اي دولة إسرائيل تتكئ بأريحية وهي تواجه العرب نتيجة هذا التفوق في القوة يقابله الضعف بكل ماتعني هذه الكلمة صف العرب حيث عدم التوافق والاتفاق باتخاذ القرارات خصوصا المصيرية منها الى جانب حالة التشرذم التي عاشها العرب خصوصا فترة الخمسينات والذي تبلور الى العداء المستحكم بين القادة العرب حتى تمكنت اسرائيل من استغلال هذا الامر وتوضيفه باحسن حال كما بالعداء التاريخي بين عبد الناصر وتأمره ضد قاسم وعبد الناصر والملك سعود ومن بعده فيصل خصوصا في مشكلة اليمن وحكومة الوحدة في مصر وسوريا مع الملك حسين وصراع المغرب مع الجزائر وغيرها كلها اسباب افضت في نتيجتها إلى أضعاف موقف العرب وتدمير قوتهم…
خسارة العربوهذا يفسر خسارة العرب كل حروبهم مع دولة إسرائيل خصوصا حرب السويس الذي ناصرت فيه فرنسا وبريطانيا اسرائيل عام 56 وحرب حزيران الكارثية التي خسر فيها العرب الجولان وسيناء والضفة الغربية لنهر الاردن واكمل سلسة الهزائم تلك حرب تشرين 73 والتي وصلت فيها دبابات اسرائيل مشارف القاهرة ذعد ثغرة الدفرسوار…من هنا شعرت اسرائيل وقادتها بانها اللاعب الاساس في منطقة الشرق الأوسط مع ادراكهم وايمانهم من ان مبدا القوة لاي دولة لايستمر مهما كان الامر في ظل المتغيرات التي يشهدها العالم وهي متسارعة وفي تختلف اساليب القوة وادواتها من قوات عسكرية متحركة إلى زرع الحكام العملاء مرورا بحرب الصواريخ البعيدة والطيران المباغت والحرب الاقتصادية والمؤامرات…
ومع ادراك كل ماتقدم كان حري بقادة اسرائيل فضلا عن مايدور من تطابق بالأفكار والرؤى عند الحكام العرب بضرورة فتح صفحات جديدة من مد جسور العلاقة مع هذه الدولة وانهاء حالة العداء الى جانب استخدام اسرائيل اسلوب التطويع لبعض القادة العرب وشعوبهم الى الحال الذي يطمح به العرب بأقامة تلك العرب ويصبح الامر مثير للاهتمام لو ادركنا ان التقارب مع اسرائيل تخطى تفكير القادة العرب لينطلق من بعض الشعوب العربية التي ادركت تطابق مصالحها وامنها مع اقامة هكذا علاقات تواد وتقارب مع إسرائيل كما شعوب الخليج العربي والمغرب والاردنبعد تجربة مصر وشعبها لما بعد كامب ديفد 1978 عندنا قطعت امريكا مساعدتها لمصر من الاموال والقمح واجاعت شعبها الامر الذي دفع السادات بضرورة عقد اتفاق سلام وصداقة تبعه الملك حسين والملك الحسن الثاني وقادة الخليج وها هو الامر يطبق مع بعض الدول العصية مثل الجزائر والعراق وسوريا من خلال احداث الفوضى وعدم الاستقرار وكان من وراء ذلك استقراركم ايها العرب ياتي من باب التطبيع معنا وهذا ماراه ناجزا في المستقبل القريب…