التسول ما بين التجارة والحاجة الفعلية
خالد ألسلامي
كأي بلد يمر بأزمات متعاقبة وخصوصا عندما يتعرض للإحتلالات شهد العراق العديد من الازمات الامنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية قبل الغزو الامريكي واحتلاله وبعده نتج عنها جيوش من النازحين ومن العاطلين عن العمل والذين يعيلون عوائل متفاوتة في عدد افرادها واحتياجاتها كما وأن أغلبها لديها أبناء يواصلون دراستهم في مختلف المراحل الدراسية هذا عدا كبار السن من النساء والرجال وكذلك الأطفال بالإضافة الى حاجة هذه العوائل للمواد الغذائية و الخضراوات والملابس وتسديد الضرائب الباهضة التي يجب أن تدفعها كأجور عن الكهرباء والمولد الأهلي ومياه الإسالة والموبايل والنت ووقود الطبخ والتدفئة وكل هذا وغيره يحتاج إلى أموال بأرقام خيالية لا يستطيع أبناء تلك العوائل تأمينها بسبب إنعدام فرص العمل والوظائف التي قد تؤمن لهم الحد الأدنى من الموارد لتوفير ولو جزء يسير من تلك المتطلبات التي تثقل كواهلهم وكواهل عوائلهم ومن الطبيعي أن تُخرج لنا مثل هذه الأوضاع الأليمة جيوشا من الشباب اليائسين المستعدين لعمل اي شيء لسد رمق عوائلهم او تأمين حبة دواء لمرضاهم او تهيأة متطلبات طلبتهم وقد يشذ بعضهم عن الطريق فيكون عرضة للإستغلال من قبل التنظيمات المسلحة بمختلف أشكالها مما يهدد أمن البلد والشعب وربما يتحول البعض منهم الى عصابات سرقة تسطو على بيوت الناس وتنهب أموالهم وأموال البلد و ربما قد تضطر بعض العوائل إلى رمي أطفالها في الشوارع لعجزها عن إعالتهم وقد وصل بالبعض الى الأسوأ من كل هذا وذاك وهو التضحية بنسائهم وشرفهم لأن الجوع والمرض كافران وهما كالإرهاب لا دين لهما .ومن أبرز نتائج كل ما تقدم إنتشار ظاهرة التسول بشكل فاق المعقول فنجد المتسولين في كل شارع وعند كل مسجد بل وصل الحد بالبعض منهم الى إقتحام المساجد أثناء صلاة الجمعة والمناسبات الدينية ويقوم البعض الآخر بالتجوال في المناطق السكنية وطرق أبواب الناس بشكل وحشي طالبين الأموال وعندما تُعرض عليهم مواد غذائية يرفضون ويصرون على الأموال وادت هذه الظاهرة الى صناعة مصدر آخر من مصادر إزعاج ورعب الناس خوفا على منازلهم بل وحتى على أطفالهم من سرقة هؤلاء المتسولين المتوحشين وربما هناك من استغل هذا الوضع فقام بالإتفاق مع المحتاجين لتهيأة وسائط النقل لهم لنقلهم والتجوال بهن في مناطق بعيدة مقابل نسبة مما يجمعون او ربما كل ما يحصلون عليه خلال تسولهم فيحولهم الى اجراء عنده للقيام بالتسول بحيث صرنا نرى السيارات تتجول بهم فتوصلهم الى المناطق السكنية والاسواق صباحا وترجع لأخذهم في وقت لاحق يتفقون عليه فيما بينهم ثم نقلهم الى منطقة أخرى وهكذا ولا نعلم إلى اين تذهب تلك الأموال الطائلة والى ماذا تخصص فمن الممكن أن تكون مصدرا ً لتمويل أنشطة غير مشروعة او تجارة محرمة وما الى ذلك من المخاطر التي تهدد المجتمع. وبطبيعة الحال فإن الفقير المحتاج حقا ضاع بين تلك الفرق المنظمة لتجارة التسول بحيث صار المواطن لا يميز بن المتسول التاجر وبين المتسول الفقير المحتاج فعلا . لذا صار من الواجب على الجهات المعنية إيجاد الحلول المناسبة للحد من هذا الظاهرة الخطرة و المسيئة لسمعة البلد و المؤذية بل والمقلقة للمجتمع والمواطن.