التحرش بالأطفال في قوانين بعض الدول العربية.. عقوبات مشددة و”المشكلة في الإثبات”
لا تزال حالة الغضب عارمة على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد انتشار مقطع فيديو لرجل يتحرش بطفلة في إحدى مداخل العمارات بحي المعادي في القاهرة.
واعتبر مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي في مصر أن هذه الحادثة انتشرت أكثر من غيرها وعوقب فيها الفاعل لإنها موثقة بفيديو وأثارت ضجة بين الناشطين، ما يثير التساؤل حول موقف قوانين الدول العربية من التحرش بالأطفال وإذا كان هناك إجراءات تنظيمية لتسهيل إمكانية مقاضاة الجاني.
بداية يعرف التحرش بالأطفال (Pedophilia) بأنه استخدام أو محاولة استخدام الصغير لإشباع الرغبات، ويشمل ذلك تعريضه لأي نشاط أو سلوك جنسي من قبيل ملامسته أو حمله على ملامسة المتحرش جنسيا.
ووفقا لبيانات منظمة الصحة العالمية لعام 2020، إن واحدة من كل 5 نساء وواحد من كل 13 رجلاً أبلغوا عن تعرضهم للاعتداء الجنسي عندما كانوا أطفالاً، وذلك على صعيد عالمي، إذ لا توجد أرقام دقيقة ورسمية عن نسبة هذا النوع من التحرش في الدول العربية.
ويندرج فعل التحرش بالأطفال ضمن الجرائم الجنسية المنصوص عنها في قوانين العقوبات بغالبية الدول العربية، باستثناء الإمارات والبحرين، إذ هناك قوانين خاصة بحقوق الطفل تلحظ هذه الجريمة.
وتكمن المشكلة في بعض الدول العربية بأن فعل التحرش بالأطفال غير مدرج ضمن قانون خاص، ما يعني أن هذا الجرم يتم إدراجه ضمن قانون العقوبات، ما يؤدي إلى صعوبة إثبات وقوعه أمام القضاء، إذ يتوجب أن تكون البينة على من ادعى، أي يكون إثبات وقوع الفعل على عاتق الضحية، فضلاً عن إجراءات وشروط أخرى قد تعيق مجرى العدالة.
مصر
بعد حادثة المعادي، تقدم وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، أيمن أبوالعلا، بتعديل قانوني، لتشديد عقوبة التحرش بالأطفال، وهي حاليا السجن سنتين كحد أقصى.
واقترح أبوالعلا، أن يضاف فقرة جديدة لنص المادة 306 من قانون العقوبات لتصبح العقوبة السجن مدة لا تتجاوز 7 سنين إذا كان عمر من وقعت عليه الجريمة لا يزيد عن 12 سنة كاملة.
العراق
وتعتبر جرائم التحرش الجنسي بالأطفال من أفظع الجرائم التي جرمها قانون العقوبات العراقي، واعتبرها ضمن الظروف المشددة عند إيقاع العقوبة.
وقد أشارت المادة 393 في الفقرة الثانية منها باعتبارها ظرفا مشددا “يعاقب بالسجن المؤبد أو المؤقت كل من واقع أنثى أو ذكرا بغير رضاها أو رضاه إذا كان من وقع عليه الجرم لم يبلغ سن الثامنة عشرة عاما كاملة”.
الأردن
وفقا للمادة 306 قانون العقوبات الأردني، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر كل من عرض فعلاً منافياً للحياء أو وجه أي عبارات أو قام بحركات غير أخلاقية على وجه مناف للحياء بالقول أو الفعل أو الحركة أو الإشارة تصريحاً أو تلميحاً بأي وسيلة كانت متى وقع الإعتداء على شخص لم يكمل الثامنة عشرة من عمره.
السعودية
وكذلك نص القانون السعودي على معاقبة الضالعين في جريمة التحرش بالأطفال بالسجن لمدة تصل إلى 5 سنوات، وبغرامة مالية تصل 30 ألف ريال سعودي (حوالى 8000 دولار أميركي).
لبنان
وكذلك تناول لبنان جريمة التحرش بالأطفال كأي جريمة تحرش أخرى ولكن مع ظرف مشدد وهو وقوع الفعل على قاصر، إذ نصت المادة 509 وما يليها على عقوبة السجن مع الأشغال الشاقة لفترة لا تقل عن سبع سنوات، ويتم تشديدها إذ كان المجرم موظفاً أو رجل دين أو من أصول أو فروع الضحية لتصل إلى الأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات.
تونس والمغرب
وينص قانون العقوبات التونسي على عقوبة التحرش بالأطفال، وتبدأ العقوبة من السجن سنتين وصولاً إلى 12 سنة إذا وقعت من شخص لديه سلطة على الضحية.
وهنا قالت المحامية التونسية، صابرين وسلاتي، في حديث لموقع “الحرة”، إنه “مع الأسف، توجد نصوص تعاقب على التحرش الجنسي عموما وعلى الأطفال خصوصا ولكن لا يوجد قانون خاص بالجرائم الجنسية بحق القصر”.
وأضافت: “نعيش واقعا اجتماعيا مريرا، إذ لا زلنا نعاني من ظاهرة تفشي التحرش الجنسي وحتى في الاطار العائلي”.
وأشارت وسلاتي إلى أنه “هناك العديد من الشكاوي التي تخص التحرش الجنسي بنسب من متوسطة الى عالية وخاصة عند الأطفال، ولكن المشكلة تقع في عدم وجود تشريع خاص بالأطفال يحفظ خصوصيته ويضمن له حقه دون إثقاله وذويه بعبء الإثبات”.
وفي المغرب، ينصّ القانون الجنائي على معاقبة أفعال التحرش أو محاولة التحرش، في حق كل طفل أو طفلة، بعقوبة السجن لمدة تتراوح بين سنتين وخمس سنوات، وتتضاعف العقوبة في حالة اقتران التحرش بالعنف، فيحكم على الجاني بالسجن من ١٠ سنوات إلى ٢٠ سنة.
الإمارات والبحرين
في المقابل، تتميز الإمارات والبحرين بقانون خاص بالطفل ينص صراحة على فعل التحرش الذي يصل عقوبته إلى السجن ستة أشهر، مع ضمان مقاضاة الجاني في محاكم خاصة وتأمين رقم ساخن للتبليغ عن حالات التحرش بحق الأطفال.
وأبرز ما جاء ضمن القانونين، هو إمكانية مقاضاة الأهل إذا تبين للقاضي إهمالهم أو تقصيرهم، فضلاً عن إمكانية تعيين إخصائيين لمتابعة الوضع النفسي للضحية.
التحرش بالأطفال على الإنترنت
يذكر أن منظمة الأمم المتحدة ركزت في تقريرها لعام 2020 على ضرورة وجود قوانين تركز على الضحايا، حتى مكافحة التحرش بالأطفال على الإنترنت.
وأعربت المقررة الخاصة المعنية بالإتجار بالأطفال واستغلالهم جنسيا، مود دي بوير- بوكيشي، عن قلقها إزاء ما وصفته بـ”ارتفاع غير مسبوق” في عدد التقارير المتعلقة بمواد الاعتداء الجنسي على الأطفال على الإنترنت، مشيرة إلى حجم المشكلة وتعقيداتها والضرر الهائل الذي تسببه.
وفي هذا السياق، انفردت البحرين وحدها في نص المادة 66 من قانون الطفل على تجريم التحرش بالأطفال عبر الإنترنت، إذ نصت على أنه “يعاقب بالحبس والغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استدرج الأطفال واستغلهم عبر الشبكة الإلكترونية الإنترنت في أمور منافية للآداب العامة”.