البناء والتفكيك والمناخ
فاتح عبدالسلام
خمس درجات إضافية في ارتفاع الحرارة ستضع قارة أوربا كلها أمام خيارات جديدة في بناء مدنها وتصاميمها لاسيما في أنظمة التبريد والانفتاح على المساحات الخضراء وتفاصيل جديدة وانماط الحياة والتنقل، ستجعل من التصاميم المعمارية المتوارثة مثلاً في بريطانيا من العهد الفيكتوري امام خيار التحديث الكامل، وإلا كانت المدن الحديثة في واد وتغيرات المناخ الضاغطة على الكوكب في واد آخر.في العراق، بحسب مهندسين، لا يزال بناء البيوت يعاني من نقص شديد وأحياناً انعدام العزل الحراري، من دون مراقبة إدارية على ذلك، إذ لا تزال معايير الترخيص في البناء الجديد تركز على المعطيات الخارجية من دون الداخلية.
كانت بعض المدن العراقية تعتمد على بناء السراديب في البيوت من اجل أغراض متعددة، منها حفظ المؤن في درجات حرارة معتدلة ولمواجهة الحر في الصيف، في أيام لم تكن الكهرباء موجودة، وحين بدأ انقطاع التيار الكهربائي في البلاد مع أولى سنوات الحصار العالمي على العراق في مطلع التسعينات من القرن الماضي ، شعر الناس بأهمية وجود السراديب في البيوت وصار البناء الحديث يقلد القديم في استحداث هذه الخاصية المعمارية في المدن التي لا تهددها المياه الجوفية ولا تعيق الحفر .
التفكير بتحديث أنماط العيش في المدن ووضع الخطط المستقبلية لجعل المدن قابلة للحياة لعقود مقبلة من دون اختناق وفي مواكبة تناسب التغييرات المناخية، انما هي أساليب يتم اشتقاقها من العقائد والأفكار السياسية التي تنظم السلطات والحكومات والقوانين، لذلك يبدو هذا المنطق بعيدا عما يجري في بلداننا، اذ سمعنا ان زعيما سياسيا يبشر حرب اهلية مقبلة وبخططه لمهاجمة ابرز المدن والتحصن بمضارب قبيلته في مشهد يمت بصلة الى القرون الماضية في ابسط توصيف
.الوعي العام لا يتجزأ حين نحاول بناء مجتمع او دولة، لكن المسار المتداول يهدف الى التفكيك والشرذمة بوضوح.