البطاقة التموينية بين الحياةوالموت
هادي الدعمي
حدث في العراق في ثمانينات القرن الماضي حصار إقتصادي، أدى لإضعاف الحالة المعاشية للمواطنين، نتيجة الحروب المتكررة في زمن نظام جائر، مما دفع الحكومة لأن تبتكر طريقة لتوفير سلة غذائية للمواطن، فشرعت البطاقة التموينية لكل عائله تغطي من خلالها إحتياجات الأسر..
أصبحت العائله تستلم وجبة شهريآ لا تحتاج النزول إلى الأسواق والتبضع منها ألا لبقية الإحتياجات، هذا في زمن حكومة صدام حتى عام ٢٠٠٣، ومجئ الاحتلال الأمريكي للعراق، وتعطيل القليل الصالح للفائدة من أمن الدولة عسكريآ وامينآ واقتصاديآ لارضاخ الشعب لسياستهم الحمقاء، وتشكيل حكومة وحدة وطنية تمهيدا لإجراء الانتخابات الرئاسية المبكرة خلال فترة من الزمن باختيار الشعب..جرى ما جرى وتعاقبت الحكومات بين الحين والآخر، ومايؤسف فيها انها لم تعالج الوضع الاقتصادي للبلد رغم الميزانيات الانفجارية لها من خلال ارتفاع أالنفط، حتى أخذت البطاقة التموينية بالتقشف التدريجي على مر الحكومات المتعاقبة للبلد، حتى أخذ الجمهور يتهم الشيعة بالفشل في الحكم، لانهم فشلوا في ابسط قضية وهي توفير البطاقة التموينية، رغم أن الوزارة كانت دوما بإدارة وزير من مكون أخر!
..نسمع ونرى الجميع يتحدث قبل التربع على كرسي الحكومة، أنه المنقذ لما يمر به الشعب من قلة الخدمات وتحسين البطاقة التموينية ودعمها وزيادة موادها لسد حاجة الفرد والعائلة، يا ترى هل أصبح الكلام لقلقة لسان لانحاسب عليه؟
أم أصبح ليس له مصداقية مجرد كلام إعلامي؟كل هذه تشير إلى فشل بين في تأمين مفردات البطاقة التموينية؛ سواء من حيث الكمية أم النوعية على السواء. كذلك في وصولها بأوقاتها المحددة. ليس هذا الفشل الوحيد فهو يضاف الى قائمة اخرى من الإخفاقات في مجالات تقديم الخدمات.
لتلافي الحرج الكبير أمام المواطنين وفقدان المصداقية فقد تم التوجيه، وحسب ما أعلنته الامانة العامة لمجلس الوزراء بأن تقوم وزارة التجارة بتعويض المواطنين نقدا عن المفردات المفقودة والتي لم تصل إلى مستحقيها.
ومع كون ذلك استحقاقاً للمواطنين، وان المبالغ المخصصة للبطاقة قد رصدت في قانون الموازنة العامة لسنة 2013 ، ونحن الان في نهاية عام ٢٠٢٠، لم نرى شئ يتحقق على أرض الواقع، يبقى السؤال البارز لماذا حصل هذا التقصير، ومن المسؤول عنه، وهل جرت محاسبة المقصرين؟
وإذ نُدرك ان نظام البطاقة التموينية وآلياته بحاجة الى مراجعة وتقويم، مع ما يصاحبها من هدر وفساد وعدم وصول مفرداتها الى مستحقيها الفعليين، في الأوقات المناسبة، لكن لا بد لأي إجراء يتم الإقدام عليه يفترض أساسا أن يكون في سياق مجموعة من الإجراءات الفعلية، وليس الوعود فقط، وأولها مواصلة تقديم الدعم الحكومي لطائفة البطاقة التموينية وغيرها من الأمور الخدمية، التي لاتزال متلكئه والمواطن بأمس الحاجة اليها.اليوم أصبحت البطاقة التموينية تحتضر بين الحياة والموت، ولا نرى أحدا يمد لها يد العون والمساعدة، هذه مسؤولية وزارة التجارة أن تأخذ الأمور بجدية لمعالجتها ونقلها لأقرب مشفى قبل الموت وفوات الاوان حيث لا ينفع الندم حين مناص .
هذا التحذير واجب ونراه مطلوبا كي لا تزيد مثل هذه الإجراءات غير المدروسة من هموم الناس ومعاناتهم على ما هم عليه الآن.