البرنامج الوهمي والالعاب البهلوانية
د. فاتح عبدالسلام
كان رئيس الحكومة السابق الذي جرفته دماءشهداء تشرين يظن انه يقدم انجازاً حين كان يتأبط ذلك الملف الثخين المدبّج بأنواع العبارات الانشائية التي لا تقدم ولا تؤخر مطلقاً عليه اسم البرنامج الحكومي الذي رأينا كيف كانت نهايته بقمع همجي لصوت شباب العراق في بغداد والجنوب من دون أن نرى منجزاً واحداً يتحقق من كلام الانجازات الوهمية . وجود برنامج واضح للحكومة أمر مهم واستراتيجي، ولكن ليس بطريقة تسويد الاوراق من دون أن تكون الوزارات المعنية والمرشحين الجدد للحقائب قادرين على استشراف مهامها عبر أفق عملي لواقع الامكانات والطموح المتاح. وهنا نعي جيداً انَّ ذلك ليس سهل التحقيق كون المرشحون للحقائب قادمين من مستنقعات الاحزاب والكتل حاملين معهم هموم تسديد تسعيرة التنصيب. وهذا يعني انّ مَن يريد اشهار برنامج حكومي قابل للتطبيق يجب أن يكون واعيا لكل بند يثبته على الورق ولديه معرفة مقبولة في الأقل لإمكانية تنفيذه. البرنامج الحكومي هو مفردات واضحة للسياسة العامة، وخطوات مرتبطة بالإمكانات وخط الشروع وهامش الابداع والاضافة لجميع الوزارات والمؤسسات الكبيرة، وهي خطوات تتعلق بزيادة الانتاجية في كل منحى من مناحي الحياة العراقية، بعيداً عن النفس الاستهلاكي الذي دمر مرتكزات الدولة. انّ تلك الاوراق المنسية التي حملت اسم البرنامج الحكومي، كانت لعبة في يد رؤساء حكومات سابقين، حاولوا من خلالها تبنيج الشارع، حتى يمرّوا، ويمرّروا. وما زاد الطين بلة انّ البرلمان نفسه في كل الدورات، بوصفه الجهة الرقابية العليا، لا يتذكر شيئاً من بنود تلك البرامج الحكومية، وليس معنياً باستذكارها ومحاسبة الوزراء على المنجز منها، ربّما لأنّ تلك العجينة من هذه الطينة. حكم العراق لا يحتمل الالعاب البهلوانية اللفظية، وشارع تشرين المقدس سيشهد جولات أخرى، في حال حاول آخرون الرقص على أوجاع المظلومين تحت شعارات لم تعد تنطلي على أحد.