عبّر مدونون على مواقع التواصل الاجتماعي عن غضبِهم من التوجهِ البرلمّاني لخفض رواتبِ الموظفينَ الحكوميين ، محذرينَ من ثورةٍ شعبيةٍ كبيرةٍ اِذا ما طُبَّق القانونُ وصوتَ عليه ، كمّا اثار القانونُ جدلاً كبيراً داخل َ الاوساط السياسية نفسِها وطالب ناشطون اعضاءَ مجلس ِ النواب بتخفيض ِ النفقاتِ التي تُصرف على ابوابٍ مختلفةٍ او تخفيضِ رواتبِهم التي تصلُ الى اكثرَ من 20 مليونَ دينارٍ عراقي ، وقالوااِنهم سيخرجونَ بتظاهراتٍ عارمة في شوارع المحافظاتِ رفضاً للقانون ومنعاً لتطبيقِه وذكر احدُ المُدونين اَن مخصصاتِ سكنِ ابسطِ نائب تعادلُ أكثرَ من راتبِ طبيبٍ اخصائي خدمته 30 سنّة ، فيمّا دعا ناشط ٌ اخر الى التقليل ِ من النثريات التي يتسلمُها اعضاءُ البرلمان لشراءِ الشاي والسكر وكانت اللجنة ُ المالية ُ في مجلس النواب العراقي كشفت عن توجهٍ نيابي ٍ لخفض رواتبِ موظفي الحكومة، التي تتجاوزُ المليون والمليوني دينار ، وقالت اِنها تنتظرُ قرارَ مجلس ِ الوزراء بشأن كامل إقرارِ الموازنةِ العامةِ الاتحادية للعام 2019 ثم التوجه لتخفيض الرواتب , أعلى درجات الفساد في أي بلد مهما كان فقيراً أن تلجأ حكومته إلى حلول تؤثر على قوت المواطن اليومي وبخاصة رواتب الموظفين والمتقاعدين.. وفي العراق وفي ظل حكومة تغرق مؤسساتها بالفساد لم تجد حلا لمشاكلها المالية سوى إستقطاع نسب من رواتب الموظفين والمتقاعدين .. العراق يصدر أكثر من أربعة ملايين برميل من النفط يوميا بمتوسط سنوي تم تثبيته بسعر 40 دولارا للبرميل الواحد في ميزانية عام 2019 أي بوارد سنوي مقداره أكثر من ثمانية وخمسين مليار دولار وبما يعادل أكثر من مئة وعشرين مليون مليون دينار عراقي ! وعلى وفق الإحصاءات المقدمة لصندوق النقد الدولي فإن للعراق موارد مالية أخرى تجاوزت في عام 2015 أكثر من خمسة عشر مليار دولار كان معظمها يعتمد على السياحة الدينية والتبادل التجاري والضرائب الداخلية والرسوم الكمركية والمتغيرات الروتينية في أسعار النفط وهي في مجملها تتجاوز الأربعين دولارا.. تضاف هذه المبالغ إلى الإستقطاعات الثابتة والنسب المستوفاة من الأرباح والقروض والسلف والجبايات والموارد الأخرى .. في العراق ونتيجة لتحكم إمبراطورية كاملة من الطغاة الفاسدين على اللجان المالية في مجلس النواب ومستشاري الرئاسات الثلاث الماليين وبعض المرجعيات السياسية التي أنهكت العراقيين بغبائها .. فإنهم لم يجدوا حلا لمشاكل العراق وأزماته غير اللجوء إلى رواتب الموظفين في كل ميزانية وبحجج عجيبة جميعها كاذبة .. في بداية ما يسمى بالأزمة الإقتصادية تم إستقطاع نسبة من الرواتب بحجة التقشف تلتها إستقطاعات أخرى للحشد الشعبي والنازحين .. الأمر الأهم أن هذه الإستقطاعات ما تلبث أن تدخل في معاجم الفاسدين حتى يخرج لك حوت كذاب من الحكومة يبكي بعد فوات الأوان ويعلن أن رواتب الحشد الشعبي لم تصل إليه ولم توزع والأموال المخصصة للنازحين سرقت من هذا الفاسد في رأس السلطة أو ذاك! وتبدأ العودة مرة أخرى إلى رواتب الموظفين لتحديد نسب من إستقطاع جديد وكأن الموظفين والمتقاعدين يعملون تحت قبة وبيوت هؤلاء! رواتب الموظفين خطوط حمراء تستند وتعتمد على أسس دستورية وقواعد وقوانين ثابتة لا يمكن لأحد في السلطتين التشريعية والتنفيذية أن يتلاعب بها على مزاجه وماتم إستقطاعه من الرواتب لعبة سياسية وثغرة كبيرة لفساد إقترحه متلاعبون بمصير أكثر من عشرة ملايين موظف وعوائلهم المنتظرة لخبز حلال كل شهر.
د . خالد القره غولي