الانسحاب الأمريكي خطأ استراتيجي
د. فاتح عبدالسلام
هناك أمران لا تجري المصارحة فيهما، الأول قصف القواعد والثاني طلب الانسحاب الأمريكي من العراق. في كل عملية هجوم صاروخي ضد القواعد العراقية التي يوجد فيها قوات أمريكية، نسمع ان تحقيقات تجري لمعرفة من اين انطلقت الصواريخ، واحيانا يتم العثور على بقايا قواعد اطلاق او عدد من الصواريخ غير المنطلقة، ويصورون الوضع على انه اكتشاف وإنجاز ، وهي معلومات بسيطة متاحة لمعظم العراقيين وربما تجري العمليات الهجومية امام انظار بعضهم من دون أن يكون مكترثاً لما يحدث . ماذا كانت نتيجة التحقيقات السابقة لكي تكون هناك فرصة ان يقتنع احد بأن التحقيق الجديد له أهمية في إيقاف الهجمات. ما نسمعه عن طلب مسؤولين من ايران وامريكا ان لا تكون أراضي العراق ساحة صراع وتصفيات، لن يلتفت اليه احد، لأنّ العراق لا يمتلك أسباب جعل كلمته مسموعة، اذا كان جاداً حقاً في انه يعني ما يقول. لا داع لمزيد من التحقيقات، لأنّ العبرة في نتائجها وهذا لا يحصل، لذلك يكون عدم اجراء التحقيق، وترك الأمور سائبة، بين طرفين متصارعين على ارض العراق المبتلى بهما وبسواهما هو ذات النتيجة التي يمكن ان يتم الحصول عليها. المسألة ليست وجود القوات الامريكية فقط، فالج هات القاصفة قد تستخرج لها أهدافا جديدة في حال عدم وجود الامريكان الذين يعد انسحابهم الآن من أكبر الأخطاء السياسية يمكن ارتكابها من قبل اية حكومة عراقية، وانا أقول هذا الكلام، وكنت ضد الاحتلال الأمريكي قبل ان يقع وبعد وقوعه، في أيام التصفيق له وتكريم الغازي رامسفيلد بسيف الامام علي بن أبي طالب عليه السلام هدية تقديرية له. البلد تخرّب بالاحتلال الأمريكي وبشخوصه المحليين وبمَن أفرزه من طبقات حاكمة متعددة وليست واحدة. وهنا تقع المسؤولية الأخلاقية والقانونية على واشنطن، أن تعيد بناء ما تدمّر، وأن تعلن انَّ وجود قواتها لتسهيل عملية إعادة بناء البلد، وليست لها مهمات خارج هذا المسار. ولنتوقف عن معزوفة الحاجة لمحاربة التحالف الدولي تنظيم داعش، فتلك من مسؤولية أية حكومة في بغداد لها سيادة، واذا لم تستطع فعليها الاعتراف بعدم استحقاق البلد أن تكون له سيادة، وعندها يكون الكلام “الدولي” عن العراق مختلفاً. حين يكون العراق قد عادت الحياة ذات المواصفات البشرية المقبولة لملايين مواطنيه بلا استثناء ،كشعوب دول الجوار، عندها نشرع في خطوة التفكير بالاستغناء عن الحاجة للامريكان.