الانسحابات.. لماذا؟
الانسحابات.. لماذا؟د. فاتح عبدالسلام
ببساطة، قامت العملية السياسية على الواجهة الشكلية البراقة في السنوات الماضية المسماة الانتخابات التي قادت في كل دورة الى نفس المسارات مهما تعددت الأسماء والوجوه والاعداد. ومن دون هذه الانتخابات لا وجود للعملية السياسية، لاسيما بعد ان توارى الدور الأمريكي الذي ابتدعها وفصّل القول والفعل فيها، بالتزامن مع احتلال العراق في العام ٢٠٠٣. اليوم، تتوالى الانسحابات الحقيقية أو الوهمية، لا فرق، من الاشتراك في الانتخابات، وهذا بالضرورة يعني عدم الاعتراف بأية شرعية تقوم عليها العملية السياسية، بالرغم من ان بعض الانسحابات إعلامية الشكل والمحتوى، وعلى طريقة رجل في الجنة ورجل في النار. المعطيات تشير الى انَّ الجميع بكل راياتهم لا يزالون في هذا المركب المتهالك، العصي عن الصيانة والإصلاح، المدعو بالعملية السياسية، التي اثقلتها بالجراح تلك التوافقات المعلنة، وهي في حقيقتها مساومات ما تحت الطاولة، وما أدراك ما يجري تحت الطاولة. جميع الانتخابات السابقة، اسفرت عن تغيير تبادل الحقائب الوزارية تحت سقف التوافقات نفسه، ولم تُعْنَ بمراجعة العملية السياسية التي جرى كُلّ ما جرى للبلاد باسمها وتحت عناوينها وشعاراتها وأعلامها. اليوم، هناك صفحات مطوية تلوح في الأفق، يعرفها الراسخون في العملية السياسية، ومنهم الجهات التي أعلنت انسحابها من الانتخابات، وما قيل عن أسباب الانسحاب هنا وهناك ، لا يقنع الأغلبية، ذلك أن جميعهم يتقافزون في أضواء المشهد العراقي ،ولا يمكن اسدال الستار على جزء وترك متقافزين آخرين وحدهم على المسرح. وهذه العلامات تنفتح على احتمالات عدة ما بين صحوة بعضهم ومناورة آخرين واحتراق أوراق بعض آخر.