الانتخابات… مزاد علني
حسن حامد سرداح
قد تكون كلمات اذا لم تستح فاصنع ماشئت اصدق تعبير عن تحول مطلب الانتخابات المبكرة “لكرة مصالح” يتقاذفها اطراف العملية السياسية بين سلطتها التنفيذية والتشريعية لتحقيق غايات خاصة او ارسال رسائل يعتقد من يوجهها بانه قادر على احراج الاخرين بصناعة تغيير وهمي يكتب باسمه في سجل الانتصارات الشخصية التي لم يحصل منها “عباد الله” سوى التعهدات والوعود التي نسمعها في كل موسم انتخابي نستعد فيها لملئ صناديق الاقتراع بخيارات تتحطم فيما بعد، بعنوان التوافقية باختيار رئيس الوزراء وليس الحاصل على اعلى الاصوات.فالنظام الانتخابي لدينا يختلف عن بقية البلدان، لسبب بسيط جدا، لكوننا دائما ما نبحث عن التميز حتى في مخالفة القوانين والانظمة المتعارف عليها، في تلك الاثناء ظهر علينا رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي “غاضبا” ويتحدث بنبرة “انزعاج” بسبب انتقاده وفريقه الحكومي، التي اعتبرها “اساءات شخصية” وليست جزءا مهما من “تقويم” القرارات الحكومية عن طريق المعارضة، ليكمل مسلسل انزعاجه بتحديد السادس من شهر حزيران المقبل موعدا للانتخابات المبكرة، كعقاب على انتقاده، كما توضح نبرة صوته، متناسيا بان هذا القرار ينتظره الجميع لتجاوز مرحلة اجبرنا على تحملها من اجل انتظار التغيير بعد الخلاص من حكومة المستقبل عادل عبد المهدي، لتكون فرصة جديدة نطبق فيها الدروس التي تعلمناها من الانتخابات السابقة، وليس تهديدا كما يعتقده الكاظمي الذي لم يحقق حتى الان انجازات يمكن الاعتراف بها، سوى المزيد من التنازلات “غير المرئية” للقوى السياسية في الداخل وبعض دول الجوار.لكن في المقابل اعتبرت السلطة التشريعية وفي مقدمتها رئيس البرلمان محمد الحلبوسي قرار الكاظمي رسالة موجهة للبرلمان، لكون الانتخابات المبكرة هدفها الاول حل البرلمان قبل ستين يوما من تاريخ اجراءها بحسب المادة الرابعة والستين من الدستور، ليرد الحلبوسي بتغريدة دعا خلالها إلى انتخابات “ابكر من اجل العراق ووفاء لتضحيات ابنائه”، كما يقول، لتتحول قضية الانتخابات اشبه مايكون بالمزاد العلني، لكن ليس لبيع الاثاث او السلع انما “مزاد على الوطنية”، في وقت يدرك الكثير منا بان تحرك الحلبوسي، لم يكن لعيون المواطنين انما لرد “الصاع” لرئيس الوزراء، لكون المادة الدستورية ذاتها التي تبين اسباب حل البرلمان، تؤكد بان الحكومة ستتحول لتصريف اعمال بمجرد تنفيذ تصويت مجلس النواب بالموافقة على حل نفسه بطلب يقدمه رئيس الجمهورية، وبهذه يكون رئيس البرلمان انهى “احلام” الكاظمي بالبقاء في السلطة للفترة التي حددها لاجراء الانتخابات بعد عشرة اشهر من الان.في وقت “تجاهل” الحلبوسي والكاظمي، اهم الخطوات المطلوبة لاجراء الانتخابات، ولعل في مقدمتها قانون الانتخابات الذي ما زال يراوح مكانه في ادراج البرلمان، فكيف يمكن اجراء انتخابات “ابكر” او مبكرة من دون استكمال القانون، والنقطة الثانية من حيث الاهمية، نصاب المحكمة الاتحادية غير مكتمل وبهذه الحالة من هي الجهة التي ستصادق على نتائج الانتخابات، ولنفرض جدلا تجاوز جميع تلك العقبات، هل فكر السادة الرؤساء، بتوفير المستلزمات الضرورية لمفوضية الانتخابات لاكمال استعداداتها للانتخابات، كيف ستصرف الاموال؟، ومن هي الجهة التي ستشرف على اجهزة التصويت، فالقضية ليست “استعراض” صلاحيات انما توفير جميع الاجراءات والاجواء المناسبة لاجراء الانتخابات، وحتى قضية “حصر سلاح المليشيات” التي وضعها بعض “اصدقاء” رئيس الوزراء كشرط للمشاركة بالانتخابات، ليست من مسؤولية المواطن، انما الحكومة وقائدها العام للقوات المسلحة.الخلاصة… ان دعوات تعطيل الانتخابات او مقاطعتها لا يمكن تفسيرها بغير الاعتراف “بالهزيمة مبكرا” وبان جمهور الاحزاب اكبر من “الفئة” التي تطالب بالتغيير، فحجة السلاح المنفلت قد تكون تبريراً للابقاء على الكاظمي الذي جاء بتوافق القوى السياسية التي وفرت لها مقاطعة المواطنين للانتخابات السابقة خدمة كبيرة، لكن تبقى المشكلة الوحيدة، هي بالنظام او “العرف” التوافقي باختيار رئيس الحكومة الذي ستفرزه الانتخابات المقبلة، فليس من المعقول الاستمرار بمنع “الفائز” باعلى الاصوات من اختيار رئيس الوزراء بمفرده بحجة “التوافقية”… اخيرا… السؤال الذي لابد منه.. هل تحولت الانتخابات لصراع بين الحلبوسي والكاظمي؟..